أجداد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمه ولذلك كانت العرب تنسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فتقول ما فعل ابن أبي كبشة حيث أحدث عبادة إله واحد كما أحدث جده عبادة الشعرى ومن أقطاب هذا المقام ممن كان قبلنا محمد ابن علي الترمذي الحكيم ومن شيوخنا أبو مدين رحمه الله وكان يعرف في العالم العلوي بأبي النجا وبه يسمونه الروحانيون وكان يقول رضي الله عنه سورتي من القرآن تبارك الذي بيده الملك ومن أجل هذا كنا نقول فيه إنه أحد الإمامين لأن هذا هو مقام الإمام ثم نقول ولما كان الحق تعالى مجيبا لعبده المضطر فيما يدعوه به ويسأله منه صار كالمتصرف فلهذا كان يشير أبو مدين بقوله فكان يقول فيه ملك الملك وأما صحة هذه الإضافة لتحقق العبد في كل نفس إنه ملك لله تعالى من غير أن يتخلل هذا الحال دعوى تناقضه فإذا كان بهذه المثابة حينئذ يصدق عليه أنه ملك عنده فإن شابته رائحة من الدعوى وذلك بأن يدعي لنفسه ملكا عريا عن حضوره في تمليك الله إياه ذلك الأمر الذي سماه ملكا له وملكا لم يكن في هذا المقام ولا صح له أن يقول في الحق إنه ملك الملك وإن كان كذلك في نفس الأمر فقد أخرج هذا نفسه بدعواه بجهله أنه ملك لله وغفلته في أمر ما فيحتاج صاحب هذا المقام إلى ميزان عظيم لا يبرح بيده ونصب عينه (وصل) وأما أسرار الاشتراك بين الشريعتين فمثل قوله تعالى أقم الصلاة لذكري وهذا مقام ختم الأولياء ومن رجاله اليوم خضر وإلياس وهو تقرير الثاني ما أثبته الأول من الوجه الذي أثبته مع مغايرة الزمان ليصح المتقدم والمتأخر وقد لا يتغير المكان ولا الحال فيقع الخطاب بالتكليف للثاني من عين ما وقع للأول ولما كان الوجه الذي جمعهما لا يتقيد بالزمان والأخذ منه أيضا لا يتقيد بالزمان جاز الاشتراك في الشريعة من شخصين إلا أن العبارة يختلف زمانها ولسانها إلا أن ينطقا في آن واحد بلسان واحد كموسى وهارون لما قيل لهما اذهبا إلى فرعون إنه طغى ومع هذا كله فقد قيل لهما فقولا له قولا لينا فأتى بالنكرة في قوله قولا ولا سيما وموسى يقول هو أفصح مني لسانا يعني هارون فقد يمكن أن يختلفا في العبارة في مجلس واحد فقد جمعهما مقام واحد وهو البعث في زمان واحد إلى شخص واحد برسالة واحدة وإن كان قد منع وجود مثل هذا جماعة من أصحابنا وشيوخنا كأبي طالب المكي ومن قال بقوله وإليه نذهب وبه أقول وهو الصحيح عندنا فإن الله تعالى لا يكرر تجليا على شخص واحد ولا يشرك فيه بين شخصين للتوسع الإلهي وإنما الأمثال والأشباه توهم الرائي والسامع للتشابه الذي يعسر فصله إلا على أهل الكشف والقائلين من المتكلمين إن العرض لا يبقى زمانين ومن الاتساع الإلهي أن الله أعطى كل شئ خلقه وميز كل شئ في العالم بأمر ذلك الأمر هو الذي ميزه عن غيره وهو أحدية كل شئ فما اجتمع اثنان في مزاج واحد قال أبو العتاهية وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد وليست سوى أحدية كل شئ فما اجتمع قط اثنان فيما يقع به الامتياز ولو وقع الاشتراك فيه ما امتازت وقد امتازت عقلا وكشفا ومن هذا المنزل في هذا الباب تعرف إيراد الكبير على الصغير والواسع على الضيق من غير أن يضيق الواسع ويوسع الضيق أي لا يغير شئ عن حاله لكن لا على الوجه الذي يذهب إليه أهل النظر من المتكلمين والحكماء في ذلك فإنهم يذهبون إلى اجتماعهما في الحد والحقيقة لا في الجرمية فإن كبر الشئ وصغره لا يؤثر في الحقيقة الجامعة لهما ومن هذا الباب أيضا قال أبو سعيد الخراز ما عرف الله إلا بجمعه بين الضدين ثم تلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن يريد من وجه واحد لا من نسب مختلفة كما يراه أهل النظر من علماء الرسوم واعلم أنه لا بد من نزول عيسى ع ولا بد من حكمه فينا بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم يوحي الله بها إليه من كونه نبيا فإن النبي لا يأخذ الشرع من غير مرسله فيأتيه الملك مخبرا بشرع محمد الذي جاء به صلى الله عليه وسلم وقد يلهمه إلهاما فلا يحكم في الأشياء بتحليل وتحريم إلا بما كان يحكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان حاضرا ويرتفع اجتهاد المجتهدين بنزوله عليه السلام ولا يحكم فينا بشرعه الذي كان عليه في أوان رسالته ودولته فيما هو عالم بها من حيث الوحي الإلهي إليه بها هو رسول ونبي وبما هو الشرع الذي كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم هو تابع له فيه وقد يكون له من الاطلاع على روح محمد صلى الله عليه وسلم كشفا بحيث أن يأخذ عنه ما شرع الله له أن يحكم به في أمته صلى الله عليه وسلم فيكون عيسى ع
(١٨٤)