المدبر وأوجده من اسمه القادر البارئ المصور وشق سمعه بما أسمعه في كن وأخذ الميثاق ثم التكليف وبصره بما أدركه ليعتبر في المبصرات فإن ذلك في حق هذه النشأة وأمثالها كما فطر السماوات والأرض وفتقهما بعد رتقهما ليتميزا فيظهر المؤثر والمؤثر فيه لوجود التكوين تبارك الله أحسن الخالقين إثباتا للأعيان ليصح قوله لقوم يتفكرون ثم دعا بالنور في كل عضو نور السماوات والأرض الذي مثله بالمصباح في الزجاجة مقام الصفا في المشكاة مقام الستر من الأهواء فلم تصبه مقالات القائلين فيه بأفكارهم الموقد بالزيت المضئ بالمقاربة وهو حكم الإمداد من الشجرة وهي الممد لا شرقية ولا غربية في مقام الاعتدال لا تميل عن عرض إلى شرق فيحاط بها علما ولا إلى غرب فلا تعلم رتبتها نور على نور وجود على وجود وجود جود عيني على وجود مفتقر ثم دعا بجعل النور في كل عضو والنفور هو النور وكل عضو فله دعوى بما خلقه الله عليه من القوة التي ركبها فيه وفطره عليها ولما علم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا أن يجعل الله فيه علما وهدى منفر الظلمة دعوى كل مدع من عالمه هذا ربط هذا الدعاء وآخر ما قال اجعلني نورا يقول اجعلني أنت فإنه نور السماوات والأرض فهناك قال الحق تعالى كنت سمعه وبصره ورجله ويده ولسانه عند ما يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش ويسعى يقول اجعلني نورا يهتدي بي كل من رآني في ظلمات بر ظاهره وبحر نفسه وباطنه فأعطاه القرآن وأعطانا الفهم فيه فإن هذه المنحة من أعلى المنح في رتبة هي أسنى المراتب ومعناه غيبني عني وكن أنت بوجودي فيرى بصري كل شئ بك ويسمع سمعي كل مسموع بك فإن نور كل عضو إدراكه وهكذا جميع ما فصله ولكن بنور يقع به التمييز بين الأنوار ولذلك نكره في كل عضو وفي نفسه وذاته فيتميز نور الشمال من نور اليمين ونور الفوق من نور التحت وكذلك أنوار القوي والجوارح ثم أقمني بعد هذا في عين الجمع والوجود فتتحد الأنوار بأحدية العين فإن لم أكن هناك فبجعلك إياي نورا وإن كنت هناك فبجعلك في نورا أهتدي به في ظلمات كوني (فصل بل وصل فيما يقول المصلي بين السجدتين في الصلاة من الدعاء) يقول المصلي إذا جلس بين السجدتين في الصلاة اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني واجبرني واهدني وعافني واعف عني يقول العارف استرني واستر من أجلي استرني من المخالفات حتى لا تعرف مكاني فتقصدني نفسك عني إذ قد قلت إن سبحاتك محرقة أعيان كل موصوف بالوجود وإن كان وجودك ولكن كما أثر في الممكن صفة الوجود ولم يكن بالوجود موصوفا كذلك أثر نسبته إلى الممكن إن قيل فيه بوجود وإن كان مقيدا بالحدوث حادث ولكن الحضرة الإلهية موصوفة بالغيرة على وجودها من أجل دعوى هذا المدعي فلو لم تصدر منه الدعوى لما تسلط عليه فلا بد إذا ارتفعت الحجب أن تحرق سبحات ما أدركه البصر من الخلق يعني الطبيعي فإن عالم الأمر أنوار قلما يحترق بل يندرج في النور الأعظم فإن عالم الأمر ما عنده دعوى فيحترق عالم الخلق فيصير رمادا فما ألحقه بالعدم فبقي رمادا لا عودي له فاذن ما أعدمت سوى الدعوى بإحالة العين التي أعطى استعدادها الدعوى إلى عين ما لها دعوى وقوله وارحمني برحمة الوجوب التي لا تحصل إلا بعد رحمة الامتنان بما أعطيتني من التوفيق لتحصيل رحمة الوجوب حتى أكون كل شئ وسعته رحمتك فيطلب العارف رحمة الامتنان في عين الوجوب بالتوفيق للعمل الصالح الموجب لرحمة الاختصاص فيريد أخذها من عين المنة التي يطلبها إبليس وأشياعه من الجن والإنس مع وصف هذا العارف بالعصمة والحفظ عن المخالفة والخذلان الموجب للحرمان ثم يقول وارزقني يعني من غذاء المعارف الذي يحيا به قلبي كما رزقتني من غذاء الجسوم بما أبقيت به جسدي الطبيعي وهيكلي ثم يقول واجبرني الجبر لا يكون إلا بعد كسر وهو المهيض في اللسان والمهيض هو المكسور بعد جبر وهو كسر العارفين فإن العبد مكسور في الأصل بإمكانه فجبره إنما هو بأن ألحقه بالوجوب ولكن بغيره فلما أوجده بهذا الجبر كسرته المعرفة بنفسه وبربه فردته إلى إمكانه فهذا كسر بعد جبر والجبر لا يكون إلا عن كسر فلهذا قلنا هو المهيض في اللسان كما أيضا يقول واجبرني يعني أوقفني على جبري في اختياري فإن العبد مجبور في اختياره وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين يقول الله أنا مع المنكسرة قلوبهم من أجلي ثم يقول واهدني بين لي ما نتقي ووفقني للبيان في الترجمة عنك لعبادتك بما تهبني من جوامع الكلم ليصح ورثي من رسولك
(٤٣٤)