غسل صفاته بربه فكان طاهرا مقدسا بصفاته فهذا توقيت غسل الميت من واحد إلى سبعة بحسب ما ينقص ويزيد وقد عم هذا جميع ما وقع من الخلاف في شفعه ووتره وقليله وكثيره وحده وترك حده ففكر فيه واغسل الميت منك بمثل هذا الغسل والكامل مع الناقص كالعاقل المؤمن مع العاقل وحده أو مع المؤمن (وصل في فصل ما يخرج من الحدث من بطن الميت بعد غسله) الحدث يخرج من بطن الميت بعد غسله فمنهم من يقال يعاد ومنهم من قال لا يعاد الغسل والذي قال بأنه يعاد اختلفوا في العدد إلى سبع وأجمعوا على أنه لا يزاد على السبع (الاعتبار) الشبهة تطرأ بعد حصول الطهارة لسرعة زوالها من خياله لضعف تصوره فيعاد عليه التعليم سبع مرات فإن استنكحه ذلك كان كمن استنكحه سلس البول وخروج الريح لا يعاد عليه التعليم فإنه غير قابل لثبوته وإنما اجتمعنا على السبع لأنه غاية الكمال في العلم الإلهي بكونه إلها ولهذا ربط الله الحكمة في وجود الآثار في العالم العنصري عن سير السبعة الدراري في الاثني عشر برجا فجعل السائرين سبعة فعلمنا أنه غاية كمال الوجود وجعل كمال السير في اثني عشر لأنه غاية مراتب العدد من واحد إلى تسعة ثم العشرات ثم المئون ثم الآلاف فهذه اثنا عشر وفيها يقع التركيب إلى ما لا يتناهى من غير زيادة كذلك سير السبعة في الاثني عشر برجا ذلك تقدير العزيز العليم (وصل) اختلفوا في عصر بطن الميت قبل إن يغسل فمنهم من رأى ذلك ومنهم من لم يره (الاعتبار) العصر اختيار الكبير الصغير في حاله هل عنده شبهة فيما هو فيه يخاف عليه منها أن تقدح في طهارته إذا طهره الكبير أم لا حتى يدعوه على بصيرة منه إنه صاحب شبهة يتوقى ظهورها في وقت آخر فيحفظ المربي نفسه في أول الوقت قبل إن ينشب فيقع التعب ويعظم انتهى الجزء الثامن والأربعون بانتهاء السفر السابع يتلوه في الجزء التاسع والأربعين وصل في الأكفان وهو كاللباس للمصلي (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في فصل في الأكفان) الكفن للميت كاللباس للمصلي وهو ما يصلي عليه لا فيه كالصلاة على الحصير والثوب الحائل بينك وبين الأرض لأنه في موضع سجودك لو سجدت فأشبه ما يصلي عليه فأما المرأة فترتيب تكفينها أن تغطي الغاسلة أولا الحقو وهو الإزرة التي تشد على وسط الإنسان ثم الدرع وهو القميص الكامل ثم الخمار وهو الذي تغطي به رأسها ثم الملحفة ثم تدرج بعد في ثوب آخر يعم الجميع فهذه خمسة أثواب هكذا على الترتيب أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلى الثقفية حين غسلت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثوبا بعد ثوب يناولها إياه ويأمرها بأن تفعل به ما ذكرناه على ذلك الترتيب هذا هو السنة في تكفين المرأة وأما الرجل فما لنا نص في صفة تكفينه إلا أنه لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة بحضور من حضر من علماء الصحابة ولم يبلغنا أن أحدا منهم ولا ممن بلغه أنكر ذلك ولا تنازعوا فيه ولكن في قول الراوي ليس فيها قميص ولا عمامة احتمال ظاهر والنص في الثلاثة الأثواب من الراوي بلا شك إلا أن الوتر مستحب في الأكفان فمن الناس من رأى أن الرجل يكفن في ثلاثة أثواب والمرأة في خمسة أثواب أخذا بما ذكرناه ومنهم من يرى أقل ما يكفن فيه الرجل ثوبان والسنة ثلاثة أثواب وأقل ما تكفن فيه المرأة ثلاثة أبواب والسنة خمسة أثواب ومن الناس من لم ير في ذلك حدا ولكن يستحب الوتر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي مات محرما يكفن في ثوبين (وصل في اعتبار هذا الفصل) المقصود من التكفين أن يوارى الميت عن الأبصار ولهذا لما كفن مصعب بن عمير يوم أحد في الثوب الواحد الذي كان عليه وكان نمرة قصيرة لا تعمه بالستر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغطي بها رأسه ويلقي على رجليه من الإذخر حتى يستر عن الأبصار ولما خلق الإنسان من تراب كان من له حضور مع الله من أهل الله إذا شاهدوا التراب تذكروا ما خلفوا منه فينظروا في قوله تعالى منها خلقنا كم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى يعني يوم
(٥٢٦)