ما تطهر وما قدم على ربه ولا طاف ببيته فإنه من المحال أن ينزل أحد على كريم غني ويدخل بيته ولا يضيفه فإذا لم يجد الزيادة فما زاد على غسله بالماء وقدومه على الأحجار المبنية فهو صاحب عناء وخيبة في قلبه وما له سوى أجر الأعمال الظاهرة في الآخرة في الجنان وهو الحاصل لعامة المؤمنين فإن جاور جاور الأحجار لا العين وإن رجع إلى بلده رجع بخفي حنين جعلنا الله من أصحاب القلوب أهل الله وخاصته آمين بعزته فإن اعترف المصاب بعدم الزيادة وما رزئ به كان له أجر المصاب من الأجور في الآخرة وحرم المعرفة في العاجل (باب الاغتسال للإحرام) اعتباره تطهير الجوارح مما لا يجوز للمحرم أن يفعله وتطهير الباطن من كل ما خلف وراءه فكما تركه حسا من أهل ومال وولد وقدم على بيت الله بظاهره فلا يلتفت بقلبه إلا إلى ما توجه إليه ويمنع أن يدخل قلبه أو يخطر له شئ مما خلفه وراءه بالتوبة والرجوع إلى الله ولهذا سمي غسل الإحرام لما يحرم عليه ظاهرا وباطنا فإن لم تكن هذه حالته فليس بمحرم باطنا فإن البواب قد نام وغفل وبقي الباب بلا حافظ فلم تجد خواطر النفوس ولا خواطر الشياطين من يمنعها من الدخول إلى قلبه فهو يقول لبيك بلسانه ويتخيل أنه يجيب نداء ربه بالقدوم عليه وهو يجيب نداء خاطر نفسه أو شيطانه الذي يناديه في قلبه يا فلان فيقول لبيك فيقول له الخاطر بحسب ما بعثه به صاحبه من نفس أو شيطان وما جاءه به من غير ما شرع له من الإقبال عليه في تلك الحالة فيقول له صاحب ذلك الخاطر عند قوله لبيك اللهم لبيك أهلا وسهلا لبيت من يعطيك الحرمان والخيبة والخسران المبين ويفرح بأن جعله إلها ولباه فلو لا فضل الله ورحمته بلسان الباطن والحال وما تقدم من النية لمسكم فيما أفضتم فيه من وجودكم بقلوبكم إلى ما خلفتموه حسا وراء ظهوركم عذاب عظيم فيغفر الله لهم ما حدثوا به أنفسهم وما أخطر لهم الشيطان في تلك الحالة بعناية التلبية الظاهرة لا غير وما أعطاهم في قلوبهم ما أعطاه لأهل الاغتسال الباطن من المحرمين (باب الاغتسال عند الإسلام وهو سنة بل فرض) الاغتسال عند الإسلام مشروع وقد ورد به الخبر النبوي وأما اعتباره في الباطن فإن الإسلام الانقياد فإذا أظهر الإنسان انقياد الظاهر كان مسلما ظاهرا فيجب عليه الانقياد بباطنه حتى يكون مسلما باطنا كما كان ظاهرا فهو هنا تطهير الباطن عند الإسلام بالإيمان قال تعالى في حق طائفة قالت آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم وهو الطهارة الباطنة النافعة المنجية من التخليد في النار (باب الاغتسال لصلاة الجمعة) اعتباره في الباطن طهارة القلب لاجتماعه بربه واجتماع همته عليه لمناجاته برفع الحجاب عن قلبه ولهذا قال من يرى أن الجمعة تصح بالاثنين وتقام وبه أقول يقول تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين الحديث وما ذكر ثالثا يقول العبد كذا فأقول له كذا فلا بد من طلب منه هذه الحالة أن يتطهر لها طهرا خاصا بل أقول إن لكل حالة للعبد مع الله تعالى طهارة خاصة فإنه مقام وصلة ولهذا شرعت الجمعة ركعتين فالأولى من العبد لله بما يقول والثانية من الله للعبد بما يخبر به في إجابته قول عبده أو يخبر به الملأ الأعلى بحسب ما يفوه به العبد في صلاته غير أنه في صلاة الجمعة بمقتضى ما شرع له أن يجهر بالقراءة ولا بد فيقول الله للملأ الأعلى حمدني عبدي أو ما قال من إجابة وثناء وتفويض وتمجيد (باب الاغتسال ليوم الجمعة) الاعتبار الطهارة بالأزل للزمان اليومي من السبعة الأيام التي هي أيام الجمعة فإن الله قد شرع حقا واجبا على كل عبد أن يغتسل في كل سبعة أيام فغسل يوم الجمعة لليوم لا للصلاة فكانت الطهارة لصلاة الجمعة طهارة الحال وهذه طهارة الزمان فإن العلماء اختلفوا فمن قائل إن الغسل إنما هو ليوم الجمعة وهو مذهبنا فإن أوقعه قبل صلاة الجمعة ونوى أيضا الاغتسال لصلاة الجمعة فهو أفضل ومن قائل إنه لصلاة الجمعة في يوم الجمعة وهو الأفضل بلا خلاف حتى لو تركه قبل الصلاة وجب عليه أن يغتسل ما لم تغرب الشمس ولما قلنا إن جمع العبد على الحق في هذا اليوم الزماني كانت نسبة هذا اليوم
(٣٦١)