أهلها فلا شك أنه قد ظلمها فمن رأى أن لهذا الفعل كفارة فكفارته أن ينظر من فيه أهلية لعلم من العلوم النافعة عند الله الدينية وهو متعطش لذلك فيبادر من نفسه إلى تعليمه وتبريد غلة عطشه فيضع في محلها وعند أهلها فيكون ذلك كفارة لما فرط في الأول ومن لم ير لذلك كفارة قال يتوب ويستغفر الله وليس عليه طلب تعليم غيره على جهة الكفارة (باب حكم طهارة المستحاضة) اختلف علماء الشريعة في طهر المستحاضة ما حكمها فمن قائل ليس عليها سوى طهر واحد إذا عرفت أن حيضتها انقضت ولا شئ عليها لا وضوء ولا غسل وحكمها حكم غير المستحاضة وبه أقول وقسم آخر ممن يقول إنه ما عليها سوى طهر واحد إن عليها الوضوء لكل صلاة وهو أحوط ومن قائل إنها تغتسل لكل صلاة ومن قائل إنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد (وصل اعتبار الباطن في ذلك) في مذهبنا أنه ليس على المستحاضة من كونها مستحاضة طهر كذلك النفس إذا كذبت لمصلحة مشروعة أوجب الشرع عليها فيها الكذب أو أباحه لا بل يكون عاصيا إن صدق في تلك الحالة فلا توبة عليها من تلك الكذبة فكما أن دم الاستحاضة ليس عين دم الحيض وإن اشتركا في الدمية والمحل كذلك الكذب المشروع إباحته الحلال ليس عين الكذب المحرم وقوعه منه وإن اشتركا في كونه كذبا وهو الأخبار بما ليس الأمر عليه في نفسه فمن رأى التوبة من كون إطلاق اسم الكذب عليه بالحقيقة وإن كان مباحا أو واجبا كحبيب العجمي في حديثه مع الحسن البصري لما طلبه الحجاج للقتل والحكاية مشهورة قال بالتوبة منه كما قال بغسل المستحاضة للاشتراك في اسم الحيض فإن الاستحاضة استفعال من الحيض (باب في وطء المستحاضة) اختلف علماء الشريعة فيه على ثلاثة أقوال قول بجوازه وبه أقول وقول بعدم جوازه وقول بعدم جوازه إلا أن يطول ذلك بها (وصل) اعتباره في الباطن لا يمتنع تعليم من تعلم منه أنه لا يكذب إلا لسبب مشروع وعلة مشروعة فإن ذلك لا يقدح في عدالته بل هو نص في عدالته وقد وقع مثل هذا من الأكابر الكمل من الرجال (أبواب التيمم) التيمم القصد إلى الأرض الطيبة كان ذلك الأرض ما كان مما يسمى أرضا ترابا كان أو رملا أو حجرا أو زرنيخا فإن فارق الأرض شئ من هذا كله وأمثاله لم يجز التيمم بما فارق الأرض من ذلك إلا التراب خاصة لورود النص فيه وفي الأرض سواء فارق الأرض أو لم يفارق (وصل) اعتباره في الباطن القصد إلى الأرض من كونها ذلولا وهو القصد إلى العبودية مطلقا لأن العبودية هي الذلة والعبادة منها فطهارة العبد إنما تكون باستيفاء ما يجب أن يكون العبد عليه من الذلة والافتقار والوقوف عند مراسم سيده وحدوده وامتثال أوامره فإن فارق النظر من كونه أرضا فلا يتيمم إلا بالتراب من ذلك لأنه من تراب خلق من نحن أبناؤه وبما بقي فيه من الفقر والفاقة من قول العرب تربت يد الرجل إذا افتقر ثم أن التراب أسفل العناصر فوقوف العبد مع حقيقته من حيث نشأته طهوره من كل حدث يخرجه من هذا المقام وهذا لا يكون إلا بعدم وجدان الماء والماء العلم فإن بالعلم حياة القلوب كما بالماء حياة الأرض فكأنه حالة المقلد في العلم بالله والمقلد عندنا في العلم بالله هو الذي قلد عقله في نظره في معرفته بالله من حيث الفكر فكما أنه إذا وجد المتيمم الماء أو قدر على استعماله بطل التيمم كذلك إذا جاء الشرع بأمر ما من العلم الإلهي بطل تقليد العقل لنظره في العلم بالله في تلك المسألة ولا سيما إذا لم يوافقه في دليله كان الرجوع بدليل العقل إلى الشرع فهو ذو شرع وعقل معا في هذه المسألة فاعلم ذلك (باب كون التيمم بدلا من الوضوء باتفاق ومن الكبرى بخلاف) اتفق العلماء بالشريعة أن التيمم بدل من الطهارة الصغرى واختلفوا في الكبرى ونحن لا نقول فيها إنها بدل من شئ وإنما نقول إنها طهارة مشروعة مخصوصة بشروط اعتبرها الشرع فإنه ما ورد شرع من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من الكتاب العزيز أن التيمم بدل فلا فرق بين التيمم وبين كل طهارة مشروعة وإنما قلنا مشروعة لأنها ليست بطهارة لغوية وسيأتي
(٣٧٠)