فيه أنه دين عليه لهم فحكمه حكم الغريم والحكم في الأمانة والدين والضياع معلوم فيمشي عليه الاعتبار بتلك الوجوه والله أعلم (وصل إذا مات بعد وجوب الزكاة عليه) قال قوم تخرج من رأس ماله وقال قوم إن أوصى بها أخرجت من الثلث وإلا فلا شئ عليه ومن هؤلاء من قال يبدأ بها إن ضاق الثلث ومنهم من قال لا يبدأ بها (وصل) الاعتبار في ذلك الرجل من أهل طريق الله يعطي العلم بالله وقد قلنا إن زكاة العلم تعليمه فجاء مريد صادق متعطش فسأله عن مسألة من علم ما هو عالم به فهذا أوان وجوب تعليمه إياه ما سأله عنه كوجوب الزكاة بكمال الحول والنصاب فلم يعلمه ما سأله فيه من العلم فإن الله يسلب العالم تلك المسألة فيبقى جاهلا بها فيطلبها في نفسه فلا يجدها فذلك موته بعد وجوب الزكاة فإن الجهل موت قال أو من كان ميتا فأحييناه أو يكون العالم يجب عليه تعليم من هو أهل فعلم من ليس بأهل فذلك موته حيث جهل الأهلية ممن هو للحكمة أهل ووضعها في غير أهلها ففي الأول قد يمنح المريد الصادق تلك المسألة ولكن عن مشاهدة هذا العالم بأن سمعه يعلمها غيره أو يعلمها ممن قد علمه ذلك العالم قبل ذلك فيكون في ميزان العالم الأول وإن كان قد جهلها فهذا معنى يجزي عنه ويخرج من رأس ماله فإن اعتذر ذلك العالم للمريد واعترف بعقوبته وذنبه ففتح الله على المريد بها فاعترافه بمنزلة من أوصى بها وأما إخراجها من الثلث فإن المرض لا يملك من ماله سوى الثلث لا غير فكأنها وجبت فيما يملك وكذلك هذا العالم لا يملك في هذه الحالة من نفسه إلا الاعتذار والثلثان الآخران لا يملكهما وهو المنة فلا منة له في التعليم بعد هذه الواقعة ولا يجب عليه فإنه قد نسبها وبالجملة فينبغي لمن هذه حالته أن يجدد توبة مما وقع فيه ويستغفر الله فيما بينه وبين الله فإن الله يحب التوابين (وصل في خلافهم في المال يباع بعد وجوب الصدقة فيه) فقال قوم يأخذ المصدق الزكاة من المال نفسه ويرجع المشتري بقيمته على البائع وقال قوم البيع مفسوخ وقال قوم المشتري بالخيار من إنفاذ البيع ورده والعشر مأخوذ من الثمرة أو من الحب الذي وجبت فيه الزكاة وقال مالك الزكاة على البائع وبه أقول (وصل الاعتبار في ذلك) قال تعالى قد أفلح من زكاها يعني النفس لأنه قد صيرها ما لا تجب فيه الزكاة والعبد مأمور بزكاة نفسه ثم إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم فباع بعض المؤمنين نفسه من الله بعد وجوب الزكاة عليه فإن العبد إذا آمن وجبت عليه زكاة نفسه فباعها من الله بعد وجوب الزكاة فلا تخلو الزكاة إما أن تكون في عين المال أو تكون في ذمة المكلف فإن كانت في ذمة المكلف وجبت على البائع وإن كانت في نفس المال وجب تزكيتها على من بيده المال في عين ذلك المال فيخرجها المشتري من المال ويرجع بالقيمة على البائع وإذا كان وجوبها على البائع فللبائع أن يزكي ذلك القدر مما عنده من المال كالشيخ المرشد يملك نفوس تلامذته فيزكي منها بقدر ما وجب عليه في نفسه من الزكاة قبل بيعها من الله إذ قد كانت وجبت عليه الزكاة في نفسه فتقوم له زكاة نفوس من عنده من المريدين مقام ذلك وإن كان ممن يقول بفسخ البيع فإنه يرجع في بيعه حتى يزكيها وحينئذ يبيعها من الله وإن كان ممن يقول المشتري بالخيار من إنفاذ البيع ورده فذلك إلى الله إن شاء قبلها وزكاها وإن شاء ردها على البائع حتى يزكيها (وصل) ومن هذا الباب اختلافهم في زكاة المال الموهوب واعتباره أن الموهوب له بالخيار إن شاء قبل الهبة وقد عرف ما فيها من الحق فأوصل الحق منها إلى مستحقه ومسك ما بقي وإن شاء رد قدر ما يجب فيها من الزكاة على البائع حتى يؤديها والموهوب له هو الحق هنا والذين لهم الزكاة من هذه النفس ما تطلب منهم الجنة ومن فيها هل هو حق لهم من نفس المؤمن انتهى الجزء الحادي والخمسون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في حكم من منع الزكاة) ولم يجحد وجوبها ذهب أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى أن حكمه حكم المرتد فقاتلهم وسبي ذريتهم وخالفه في ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأطلق من استرق منهم وبقول عمر قال الجمهور
(٥٥٨)