بالأشواق إلى رحمه الله وذلك بمرسية سنة خمس وتسعين وخمسمائة ولقد أشهدني الحق في سرى في واقعة وقال لي بلغ عبادي ما عاينته من كرمي بالمؤمن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها والسيئة لا يقاوم فعلها الايمان بها أنها سيئة فما لعبادي يقنطون من رحمتي ورحمتي وسعت كل شئ وأنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا (وصل في فصل أعداد الطواف وهي ثلاثة القدوم والإفاضة والوداع) طواف القدوم يقابل طواف الوداع فهو كالاسم الأول والآخر إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم وانتهت دورة الملك وطواف الإفاضة بينهما برزخ لا يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان يخرج طواف القدوم لؤلؤ المعارف في المناسك وطواف الوداع المرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان فلطواف الزيارة وجه إلى طواف القدوم فقد يجزئ عنه ووجه إلى طواف الوداع فقد يجزئ عنه وقد قال العلماء بالقولين جميعا وسيأتي ذكرها في هذا الفصل إن شاء الله وقد تقدم الاعتبار في الطواف وما ينشأ منه فطواف القادم كالعقل إذا أقبل على الله بالاستفادة وطواف الوداع إذا أراد الخروج إلى النفس بالإفادة كالرسول صلى الله عليه وسلم يقبل على الروح الأمين عند ما يلقي إليه من الوحي الإلهي ثم الرسول يلقي إلى الخلق عند مفارقة الروح لتبليغ الرسالة فالرسول بين طواف قدوم ووداع وما بينهما طواف زيارة وكانت ثلاثة أطواف لما قررناه إن ظهور العلوم لا يكون إلا عن ثلاث مراتب فكرية كانت أو وهبية وقد بينا لك أن البرزخ أبدا هو أقوى في الحكم لجمعه بين الطرفين فيتصور بأي صورة شاء ويقوم في حكم أي طرف أراد ويجزئ عنهما فله الاقتدار التام ويظهر سر ما قلنا في حكم ظاهر الشرع فيه فمن ذلك أنهم أجمعوا على أن الواجب من هذه الأطواف الثلاثة الذي بفوته يفوت الحج هو طواف الإفاضة فإن المعرف إذا قدم مكة بعد الرمي وطواف الإفاضة أجزأه عن طواف القدوم وصح حجه وإن المودع إذا طاف في زعمه طواف الوداع ولم يكن طاف طواف الإفاضة كان ذلك الطواف طواف إفاضة أجزأ عن طواف الوداع لأنه طواف بالبيت معمول به في وقت طواف الوجوب الذي هو الإفاضة فقبله الله طواف إفاضة وأجزأ عن طواف الوداع كما ذكرنا فيمن صام في رمضان متطوعا أن وجوب رمضان يرده واجبا لحكم الوقت ولم تؤثر فيه النية وجمهور العلماء على أنه لا يجزئ طواف القدوم على مكة عن طواف الإفاضة كأنهم رأوا أن الواجب إنما هو طواف واحد قال بعضهم أجمعوا على إن طواف القدوم والوداع من سنة الحاج إلا لخائف فوات الحج فإنه يجزئ عنه طواف الإفاضة واستحب بعض العلماء لمن جعل طواف الإفاضة يجزئ عن طواف القدوم أن يرمل فيه وأما المكي فما عليه سوى طواف واحد وأما المتمتع فإن لم يكن قارنا فعليه طوافان وإن كان قارنا فطواف واحد هذا عندي وقال قوم على القارن طوافان انتهى الجزء السابع والستون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في فصل حكم السعي) فمن قائل إنه واجب إن لم يسع كان عليه الحج ومن قائل إنه سنة فإن رجع إلى بلده ولم يسع فعليه دم ومن قائل إنه تطوع ولا شئ على تاركه لما كان الكمال غير محجور على النساء وإن كانت المرأة أنقص درجة من الرجل فتلك درجة الإيجاد لأنها وجدت عنه وذلك لا يقدح في الكمال فإن الرجل الذي هو آدم نسبته إلى ما خلق منه وهو التراب نسبة حواء إليه ولم تمنع هذه النسبة الترابية لآدم عن الكمال الذي شهد له به وقد شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكمال لمريم وآسية فلما اعتبر الله هذا في المرأة جعل لها أصلا في التشريع من حيث لم تقصد فطافت بين الصفا والمروة هاجر أم إسماعيل عليه السلام وهرولت في بطن الوادي سبع مرات تنظر إلى من يقبل من أجل الماء لعطش قام بابنها إسماعيل فخافت عليه من الهلاك والحديث مشهور فجعلها الله أعني جعل فعل هاجر من السعي بين الصفا والمروة وقرره شرعا من مناسك الحج فمن رآه واجبا عظم فيه الحرمة ولم ير أنه يصح الحج بتركه كذلك الخواطر النفسية إذا أثرت الشفقة والسعي في حق الغير أثر القبول في الجناب الإلهي فقال يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك الذي خرجت منه إلى تدبير هذا
(٧٠٨)