أثر الكفر هنا في الايمان ولا كان أقوى منه بل لما كان الأمر كما ذكرنا فيما كان في الكافر من اعتقاده الإله كان ذا حق ومن نسبة الألوهة للشمس كان كافرا فراعى الحق المعنى الذي قصدوه فمن هنالك ثبت لهم التخصيص بالسجود دون المؤمنين والنسخ لسجود المؤمنين في ذلك الوقت لله فهو أثر إيمان في إيمان لا أثر كفر في إيمان (وصل في فصل الطواف بغير طهارة) فمن قائل لا يجوز طواف بغير طهارة لا عمدا ولا سهوا ومن قائل يجزئ ويستحب له الإعادة وعليه دم لأنهم أجمعوا على أن الطهارة من سنة الطواف ومن قائل إذا طاف على غير وضوء أجزأه طوافه إن كان لا يعلم ولا يجزئه إن كان يعلم وبعضهم يشترط طهارة الثوب للطائف كاشتراطه للمصلي والذي أقول به إنه يجوز الطواف بغير وضوء للرجل والمرأة إلا أن تكون حائضا فإنها لا تطوف وإن طافت لا يجزئها وهي عاصية لورود النص في ذلك وما ورد شرع بالطهارة للطواف إلا ما ورد في الحائض خاصة وما كل عبادة تشترط فيها هذه الطهارة الظاهرة اعلم أنه ما في الوجود حال ليس فيه لله وجه يحفظ عليه وجوده من كل قائم بنفسه بذلك الوجه الإلهي طهارته فما في الوجود بحكم الحقيقة إلا طاهر فإن الاسم القدوس يصحب الموجودات وبه يثبت قوله وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون من تفريقكم بين الله وبين عباده ولا ينبغي أن يحال بين العبد وبين سيده ولا يدخل بين العبد والسيد إلا بخير لقيت بعض السياح على ساحل البحر بين مرسى لقيط والمنارة فقال لي إني لقيت بهذا الموضع شخصا من الأبدال مصادفة وهو ماش على موج البحر فسلمت عليه فرد علي السلام وكان في البلاد ظلم عظيم وجور فقلت له يا هذا أ ما ترى إلى ما في البلاد من الجور فنظر إلي مغضبا وقال لي ما لك وعباد الله لا تقل إلا خيرا ولهذا شرع الله الشفاعة وقبل العذر ولا شك أن النجاسة أمر عرضي عينه حكم شرعي والطهارة أمر ذاتي فإن ظهر حكم العرض في وقت ما كمانع الحيض من الطواف فمرجع الأمر إلى ما تقتضيه الذات من الطهارة أيكذب المؤمن قال لا إنباء صحيح فإن الكاذب لا يكون صادقا فيما هو فيه كاذب فافهم والحيض كذب النفس بالاتفاق والطواف حالة إيمان فالحائض لا تطوف كما نقول في إمامة الفاسق إنها لا تجوز إمامته في حال فسقه بلا خلاف فإنه من كان فاسقا في حال فسقه ثم توضأ شرعا وأحرم بالصلاة إماما فهو في طاعة لله ولا يجوز لنا أن نطلق عليه في تلك الحال فاسقا فما صلينا خلف إمام فاسق وكذا فعل عبد الله بن عمر الذي يحتجون به في الصلاة خلف الفاسق وأخطئوا فإن الحجاج ليس بفاسق في حال أدائه ما أوجب الله عليه من طاعته في الصلاة وهذه مسألة أغفلها الفقهاء ويخبطون فيها وما حصلوا على طائل وقد بينا أنه ما تخلص قط من مؤمن معصية لا تشوبها طاعة أصلا والطاعة قد تخلص فلا تشوبها معصية فما من معصية إلا والايمان يصحبها من المؤمن أنها معصية يحرم عليه فعلها والايمان بكونها معصية طاعة لله فالحجاج أو غيره في حال فسقه مؤمن مطيع بإيمانه فضعفت معصيته أن تقاوم طاعته وفي حال صلاته أو طاعته في فعل ما من أفعاله فليس بفاسق بل هو مطيع فرجح من طمس الله على قلبه الفسق على الايمان والطاعة مع ضعف الفسوق عن الطاعة بما شابها من الايمان بكون ذلك الفعل فسوقا فقالوا لا تجوز إمامة الفاسق بغير المعنى الذي ذكرناه فلو قاله الرسول صلى الله عليه وسلم أو الله تعالى لكان الوجه فيه ما قلناه فغاية درجة الفاسق في حال فسقه المسلم أن يكون ممن خلط عملا صالحا وآخر سيئا وفي حال طاعته فليس بفاسق وأعجب ما في هذه المسألة أنا مأمورون بحسن الظن بالناس منهيون عن سوء الظن بعبادي وقد رأينا من علمنا أنه فسق قد توضأ وصلى فلما ذا نطق عليه اسم الفسوق في حال عبادته وأين حسن الظن من سوء الظن به والمستقبل فلا علم لنا به فيه والماضي لا ندري ما فعل الله فيه والحكم لوقت الطاعة التي هو عليها متلبس بها فحسن الظن أولى بالعبد إذا كان ولا بد من الفضول ولقد أخبرني من أثق به في دينه عن رجل فقيه إمام متكلم مسرف على نفسه قال لي دخلت عليه في مجلس يدار فيه الخمر وهو يشرب مع الجماعة ففرع النبيذ فقيل له نفذ إلى فلان يجيئ إلينا بنبيذ فقال لا أفعل فإني ما أصررت على معصية قط وإن لي بين الكأسين توبة ولا أنتظره فإذا حصل في يدي أنظر هل يوفقني ربي فاتركه أو يخذلني فاشربه فهكذا هم العلماء رحمه الله مات هذا العالم وفي قلبه حسرة من كونه لم يلقني واجتمعت به وما عرفني وسألني عني وكان
(٧٠٧)