(وصل الاعتبار في هذا الفصل) يبطل التيمم مع وجود الماء والقدرة على استعماله ولا شك أنه كل ما زاد على الفرض فهو نافلة سواء وكد أو لم يؤكد فإن الفرض آكد منه بلا شك والوقت للفرض بالإقامة الحاصلة فتأخرت النافلة إذ لا تتحقق الزيادة على الشئ إلا بعد حصول الشئ فإن الزيادة تؤذن بوجود مزاد عليه متقدم في الوجود وهو الفرض وهو الأصل في التكليف وكذلك هو في نفس الأمر فإن الفرض هو المشروع الذي يأثم تاركه والنفل إنما يكون بعد ثبوته فإن كونه زائدا يبطل فإنه لما يكون زائدا وما ثبت أمر قبله يزيد عليه هذا فيصح عليه اسم الزائد ومراعاة الأصول أولى فالدخول مع الإمام في الصلاة أو عند سماع الإقامة أولى من صلاة ركعتي الفجر وقد غلط في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأظهر الكراهة لمن فعل ذلك وقال لمن صلاهما وصلاة الصبح تقام أتصلي الصبح أربعا يكرر عليه كارها منه ذلك الفعل وهذا هو عين الدليل على جوازها مع الكراهة فإنه صلى الله عليه وسلم ما أمره أن يقطعها ولا أن يخرج عنها فلو فعل محظورا ما أبقاه عليه فثبت أنه عمل مشروع لا يبطله من شرع فيه فإن الله يقول ولا تبطلوا أعمالكم ولكن لا يعود إليه بعد علمه بأن الشرع يكرهه وإنما يكره له الشروع فيه (وصل بل فصل في وقت قضاء ركعتي الفجر) فمن قائل يقضيها بعد صلاة الصبح وبه أقول وقال قوم يقضيها بعد طلوع الشمس وأصحاب هذا القول اختلفوا فمنهم من جعل لها هذا الوقت غير متسع ومنهم من وسع فقال يقضيها من لدن طلوع الشمس إلى وقت الزوال ولا يقضيها بعد الزوال والقائلون بالقضاء منهم من استحب ذلك ومنهم من خير (وصل الاعتبار في هذا الفصل) كل حق لله واجب أو مرغب فيه إذا فات وقته لم يقيده وقت فإن الشرع ما قيده فليؤده قاضيا متى شاء ما لم يمت إلا أن يكون عن نسيان فهو مؤد وذلك وقته ولا يكون قاضيا قط في نوم ولا نسيان (وصل في فصل الاضطجاع بعد ركعتي الفجر) فذهب قوم إلى وجوبها وبه أقول للأمر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب قوم إلى أنها سنة وذهب قوم أنه مستحب ولم يره قوم ولا شك ولا خفاء على كل من عرف شرع الله من المحدثين لا من الفقهاء الذين يقلدون أهل الاجتهاد كفقهاء زماننا ولا علم لهم بالقرآن ولا بالسنة وإن حفظوا القرآن ورأوا فيه ما يخالف مذهب شيخهم لم يلتفتوا إليه ولا عملوا به ولا قرءوا على جهة اقتباس العلم واعتمدوا على مذهب إمامهم المخالف لهذه الآية والخبر ولا عذر لهم عند الله في ذلك فأول من يتبرأ منهم يوم القيامة إمامهم فإنهم لا يقدرون أن يثبتوا عنه أنه قال للناس قلدوني واتبعوني فإن ذلك من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم فإن قالوا فالله أمرنا باتباعهم فقال فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وقد سألناهم فأفتونا قلنا لهم إنما نسألهم لينقلوا إلينا حكم الله في الأمور لا رأيهم فإنه قال أهل الذكر وهم أهل القرآن فإن الذكر هو القرآن فإذا وجدنا الحكم عند قراءتنا القرآن مخالفا لفتواه تعين علينا الأخذ بكتاب الله أو بالحديث وتركنا قول ذلك الإمام إلا أن ينقل إلينا ذلك الإمام الآية أو الخبر فيكون عملنا بالآية أو الخبر لا بقوله فحينئذ ليس لنا أن نعارضه بآية أخرى ولا خبر لعدم معرفتنا باللسان وبما يقتضيه الحكم فإن كان لنا علم بذلك فنحن وإياهم سواء وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضطجع بعد ركعتي الفجر وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة الأمر بالاضطجاع لكل من ركع ركعتي الفجر فالذي أذهب إليه أن تارك الاضطجاع عاص وإن الوجوب يتعلق به فليضطجع ولا بد ولو قضاه متى قضاه وإن كانت الفاء تعطي التعقيب فإن بعض المتأخرين من المجتهدين الحفاظ من أهل الظاهر قال إن صلاة الصبح لا تصح لمن ركع ركعتي الفجر ولم يضطجع فإن لم يركع ركعتي الفجر صحت صلاة الصبح عنده (وصل الاعتبار في هذا الفصل) الاضطجاع بعد ركعتي الفجر وقبل صلاة الصبح لأن الكراهة قد تعلقت بالمكلف فإنه لا يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر ثم يصلي الصبح فقد أشبهت الفريضة فجاء الاضطجاع بينها وبين صلاة الصبح لتتميز السنة من الفرض وليقوم إلى الفرض من اضطجاع حتى يعلم أنه قد انفصل عن ركعتي الفجر فإنه لو قام إلى الصبح بعد ركعتي الفجر لالتبست بالرباعية من
(٤٩٤)