الظاهرة والباطنة فإذا انضاف إلى ذلك عذر المطر وهو العلم المنزل فهو علم ظاهر الشريعة الذي جاء بالجمع جاز له الجمع لما دل عليه هذا العلم المشروع فينبغي أن لا يعدل عنه فمن راعى الحرج أضاف الطين إليه وأجاز ذلك في صلاة الليل ومن لم يراع الحرج أجاز ذلك ليلا ونهارا ولم يجزه في الطين (وصل في فصل الجمع في الحضر للمريض) فمنهم من أباح له الجمع ومنهم من منع وبالأول أقول لحديث ابن عباس الصحيح وقد تقدم ذكره (وصل الاعتبار في ذلك) الكسل مرض النفس فلا يجوز الجمع لمن كان مرضه الكسل وما في معناه فإن كان مرضه استيلاء الأحوال عليه بحيث إنه يخاف أن يغلب عليه الحال كما يخاف المريض أن يغمى عليه جاز له الجمع فإن الحال مرض والمقال صحة فالجهلاء من أهل طريقنا يقولون بشرف الحال على العلم لجهلهم بالحال ما هو فالأحوال يستعيذ منها الأكابر من الرجال في هذه الدار وهي من أعظم الحجب ولهذا جعلت الطائفة الأحوال مواهب والمقامات مكاسب والدنيا عند الأكابر دار كسب لا دار حال فإن الكسب يعليك درجة والحال يخسر صاحبه وقته فلا يرتقي به بل هو من بعض نتائج مقامه استعجله في الدنيا ولهذا كانت الأحوال مواهب ولو كانت مكاسب لوقع بها الترقي فشرف الحال في الآخرة لا في الدنيا وشرف العلم والمقام في الدنيا والآخرة أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم فقال له وقل رب زدني علما ولم يأمره بطلب الزيادة من الحال فلو عرف هذا القائل شرف العلم وكان عنده منه ذوق صحيح لوافق الحق تعالى في الذي شرف العلماء به ولما كان مطرودا من هذه الصفة التي وصف الحق بها نفسه والخواص من ملائكته وعباده ولم يبلغ تلك الدرجة أخذ يحامي عن نفسه بأن جعل الحال أشرف من العلم وهو بحمد الله عرى عن العلم والحال وأما أصحاب الأحوال الإلهية الصحيحة رضي الله عنهم فهم عالمون بشرف العلم على الحال ومطلوبهم العلم فإن الحال يحول بينهم وبين ما خلقوا له فيتبرءون منه ومما يدلك على ذلك أن أصحاب الحال وإن سر به فتراه عند الموت يتبرأ منه ويزول عنه ويتمنى أنه لم يكن صاحب حال فالحال ليس بأمر مقرب إلى الله والدنيا محل أسباب التقريب والآخرة محل القربة فيجعل كل صفة تحكم في موضعها فالحال حكمه في الآخرة والعلم حكمه في الدنيا والآخرة وفي كل موطن لأن شرفه هو الأتم (وصل في فصول صلاة الخوف) أجمع الناس على إن صلاة الخوف جائزة واختلفوا في صورتها بحسب اختلاف الروايات الواردة فيها من صلاته صلى الله عليه وسلم إياها إلا أبا يوسف فإنه شذ عن الجماعة فقال لا تجوز صلاة الخوف على صورة ما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بإمام واحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك خاص به وإنما تصلي صلاة الخوف بإمامين كل إمام يصلي ركعتين بطائفة ما دامت تحرس الأخرى والذي أذهب إليه أن الإمام مخير في الصور التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأي صورة صلاتها أجزأته صلاته وصحت صلاة الجماعة إلا الرواية التي فيها الانتظار بالسلام فإن عندي فيها نظر الكون الإمام يصير فيها تبعا تابعا وقد نصبه الله متبوعا وسبب توقفي في ذلك دون جزم من طريق المعنى فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الإمام أن يصلي بصلاة المريض وأضعف الجماعة والتأويل الذي يحتمله اقتداء أبي بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره الطحاوي أن أبا بكر كان هو الإمام في صلاته بالناس وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراوي فكان الناس يقتدون بأبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال معنى الاقتداء هنا أنه كان يخفف لأجل مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا التأويل ليس ببعيد فقد يكون الإمام في هذه الحالة إماما مؤتما وبلفظ الإمامة وردت الرواية عن الصاحب فلهذا لم يترجح عندي نظر في رواية الانتظار والاختلاف في صور صلاة الخوف معلوم مسطور في كتب الحديث (وصل الاعتبار في ذلك) الحق يكون مع العبد بحسب حال العبد أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا فأي شئ كان حال العبد كان الحق معه بحسبه يعامله به قال الله تعالى فاذكروني أذكركم إن ذكر العبد ربه في نفسه ذكره الله في نفسه وإن ذكر العبد
(٤٧٣)