أمرضه وحال بينه وبين مطلوبه حدث له اسم الفضة فما نزلت عن الذهب إلا بدرجة واحد والكمال في الأربعة وقد نقص هذا عن الكمال بدرجة واحدة من أربعة والأربعة أول عدد كامل ولهذا يتضمن العشرة فكان في الفضة ربع العشر لنقصان درجة واحدة عن الذهب بغلبة البرودة والبرودة أصل فأعلى والحرارة أصل فأعلى والرطوبة واليبوسة فرعان منفعلان فتبعت الرطوبة البرودة لكونها منفعلة عنها فلهذا تكونت الفضة على النصف من زمان تكوين الذهب ولما كان المنفعل يدل على الفاعل ويطلبه بذاته لهذا استغنى بذكر المنفعل عن ذكر ما انفعل عنه لتضمنه إياه فقال تعالى ولا رطب ولا يابس ولم يذكر ولا حار ولا بارد وهذا من فصاحة القرآن وإعجازه حيث علم أن الذي أتى به وهو محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن ممن اشتغل بالعلوم الطبيعية فيعرف هذا القدر فعلم قطعا إن ذلك ليس من جهته وأنه تنزيل من حكيم حميد وأن القائل بهذا عالم وهو الله تعالى فعلم النبي صلى الله عليه وسلم كل شئ بتعليم الله إياه وإعلامه لا بفكره ونظره وبحثه فلا يعرف مقدار النبوة إلا من أطلعه الله على مثل هذه الأمور فانظر ما أحكم علم الشرع في فرض الزكاة في هذه الأصناف على هذا الحد المعلوم في كل صنف صنف لمن نظر واستبصر (وصل في فصل نصاب الذهب) المتفق عليه في نصاب الذهب ما نذكره إن شاء الله فقالت طائفة تجب الزكاة في عشرين دينارا كما تجب في مائتي درهم ومن قائل ليس في الذهب شئ حتى يبلغ أربعين دينارا ففيه دينار واحد وهو ربع العشر أعني عشرها لأن عشر الأربعين أربعة وربع الأربعة واحد ومن قائل ليس في الذهب زكاة حتى يبلغ صرفه مائتي درهم أو قيمتها فإذا بلغ ففيه ربع عشرة سواء بلغ عشرين دينارا أو أقل أو أكثر هذا فيما كان من ذلك دون الأربعين حينئذ يكون الاعتبار في الذهب ما ذكرناه فإذا بلغ الأربعين كان الاعتبار بها نفسها لا بالدراهم لا صرفا ولا قيمة (الاعتبار في ذلك) في كل أربعين دينارا دينار وهو ربع العشر من ذلك قد ذكرنا أن الفضة لما حكم عليها وهي تطلب الكمال الذي ناله الذهب طبع واحد وهو البرودة من الأربع الطبائع فأخذت من الذهب طبعا واحدا أخرجته عن محل الاعتدال فلهذا أخذ من الأربعين التي هي نصاب الذهب دينار واحد وهو ربع العشر لأنك إذا ضربت أربعة في عشرة كان الخارج أربعين فالأربعة عشر الأربعين والواحد ربع الأربعة فهو ربع عشرها وهو الواحد الذي أخذته الفضة وصارت به فضة في طلبها درجة الكمال فنقص من الذهب هذا القدر فكانت زكاته دينارا وهذا الدينار قد اجتمع مع الخمسة الدراهم في كونه ربع عشر ما أخذ منه فإن العشرين عشر المائتين وربع العشرين خمسة فكان في المائتين خمسة دراهم وهي ربع عشرها فمن حمل الذهب على الفضة وقال إن في عشرين دينارا كما في مائتي درهم أو من قال بالصرف والقيمة بمائتي درهم فأوجب الزكاة فيما هذا قيمته وصرفه من الذهب وهذا فيما دون الأربعين فإنه ما ورد نهي فيما دون الأربعين من الذهب كما ورد في الورق فإنه قال ليس فيما دون خمس أواق صدقة ولم يقل ليس فيما دون الأربعين فلهذا ساع الخلاف في الذهب ولم يسغ في الورق واجتمعا في ربع العشر بكل وجه واعتبر العشر والربع منه لتضمن الأربعة العشرة فضربت فيها ولم تضرب في غيرها لأن الأربعة تتضمن عينها وما تحتها من العدد فيكون من المجموع عشرة ولهذا قيل في الأربعة أنه أول عدد كامل فإن الأربعة عينها وفيها الثلاثة فتكون سبعة وفيها الاثنان فتكون تسعة وفيها الواحد فتكون عشرة فمن ضرب الأربعة في العشرة كان كمن ضرب الأربعة في نفسها بما تحوي عليه فوجبت الزكاة لنظرها لنفسها في ذلك ولم تنظر إلى بارئها وموجدها فأخذا الحق منها نظرها إلى نفسها وسماه زكاة لها أي طهارة من الدعوى فبقيت لربها بربها فلم يتعين له فيها حق يتميز لأنها كلها له لا لذاتها (وصل في فصل الأوقاص وهي ما زاد على النصاب مما يزكى) أجمع العلماء على زكاة الأوقاص في الماشية وعلى أنه لا أوقاص في الحبوب واختلفوا في أوقاص الذهب والورق وبترك الزكاة في أوقاص الذهب والورق أقول فإن إلحاقهما بالحبوب أولى من إلحاقهما بالماشية فإن الحيوان مجاور للنبات والنبات مجاور للمعدن فإلحاقه في الحكم بالمجاور أحق فإن الجار أحق بصقبه (وصل في اعتبار هذا) الكمال لا يقبل
(٥٩٣)