يفتقر فإن ألمه أشد والحسرة عنده أعظم فإن حكمه حكم من استؤسر وكان حرا فيجد ألم الاسترقاق لكونه حصل فيه عن حرية من كان ملكا فعاد ملكا * قد حاز هلكا ومات فتكا والعبد الأصلي المؤثل القن لا يجد ذلك فلهذا قال ما بين لابتيها أفقر مني أنطقه الله بذلك من حيث لا يشعر حتى يكون مناسبا لما أنطقه به أيضا في قوله من الصوم أتى علي فانظر حكمة الله في إجراء هذه الحقائق في عباده من حيث لا يشعرون فهو المتكلم على الحقيقة لا هم فهذا حكم الكفارة على من هذا فعله والحمد لله قد دخل في هذا جميع الأقوال التي ذكرنا في هذه المسألة إذا تدبرتها فلا حاجة للإطالة في ذلك فإنه كالتكرار وإن كان ذكرها يتضمن فوائد زائدة على ما ذكرنا لاختلاف النسب ولكن يكفي هذا في اعتبار هذه المسألة (وصل في فصل من أكل أو شرب متعمدا) فقال قوم عليه القضاء والكفارة التي أوجبها في الجماع وقال آخرون لا كفارة عليه والذي أقول به إنه لا قضاء عليه ولا كفارة فإنه لا يقضيه أبدا ولكن يكثر من صوم التطوع لتكمل له فريضته من تطوعه فإن الفرائض عندنا المقيدة بالأوقات إذا ذهب وقتها بتعمده من الواجبة عليه لا يقضيها أبدا مطلقا فليكثر من التطوع الذي يناسبها إلا الحج وإن كان مربوطا بوقت ولكنه مرة واحدة في العمر إلا من يقول بالاستطاعة ولكن متى حج كان مؤديا ويكون عاصيا في التأخير مع الاستطاعة (الاعتبار) الأكل والشرب تغذ له فأحياه الأكل والشرب عند هذا السبب لأن حياته مستفادة كما كان وجوده مستفادا ليتميز الممكن الواجب بالغير عن الواجب بنفسه والصوم لله لا للعبد فلا قضاء عليه ولا كفارة ومن قال بالكفارة أوجب عليه ستر مقامه وحكمه فيها حكم المجامع في الاعتبار سواء ومن قال بالقضاء عليه يقول ما أوجب عليه القضاء إلا كونه غيرا كما كان في أصل التكليف كما كان في صوم رمضان سواء فيقضيه برده إلى من الصوم له فإن الصوم للعبد الذي هو لله كمن سلف شيئا من غيره فقضاؤه ذلك الدين إنما هو رده إلى مستحقه مع ما عاد عليه من الانتفاع به والعبد إنما يصوم مستسلفا ذلك لأن الصمدانية ليست له والصوم صمدانية فهو لله لا له فاعلم ذلك (وصل في فصل من جامع ناسيا لصومه) فقيل لا قضاء عليه ولا كفارة وبه أقول وقيل عليه القضاء دون الكفارة وقيل عليه القضاء والكفارة (الاعتبار) هذا من باب الغيرة الإلهية لما اتصف العبد بما هو لله وإن كان مشروعا وهو الصوم أنساه الله أنه صائم فأقامه في مقام وحالة تفسد عليه صيامه تنبيها له أن هذه الحقيقة لا يتصف بها إلا الله غيرة إلهية أن يراجع فيما هو له بضرب من الاشتراك فلما لم يكن للعبد في ذلك قصد ولا انتهك به حرمة المكلف سقط عنه القضاء والكفارة والجماع قد عرفت معناه فيمن جامع متعمدا ومن قال عليه القضاء دون الكفارة قال يشهد بالصمدية له دون نفسه في حال قيامها به فيكون موصوفا بها لا موصوفا بها مثل قوله وما رميت إذ رميت فنفى وأثبت ومن قال عليه القضاء والكفارة قال النسيان هو الترك والصوم ترك وترك الترك وجود نقيض الترك كما أن عدم العدم وجود ومن هذه حاله فلم يقم به الترك الذي هو الصوم فما امتثل ما كلف فلا فرق بينه وبين المتعمد فوجب عليه القضاء والكفارة والاعتبار قد تقدم في ذلك وأنه ليس في الحديث أن ذلك الأعرابي كان ذاكرا لصومه حين جامع أهله ولا غير ذاكر ولا استفصله رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان ذاكرا لصومه أو غير ذاكر وقد اجتمعا في التعمد للجماع فوجب على الناسي كما وجب على الذاكر لصومه ولا سيما في الاعتبار فإن الطريق تقتضي المؤاخذة بالنسيان لأنه طريق الحضور فالنسيان فيه غريب (وصل في فصل هل الكفارة مرتبة كما هي في المظاهر أو على التخيير) فإنه قال له أعتق ثم قال له صم ثم قال له أطعم فلا يدري أقصد عليه السلام الترتيب أم لا فقيل إنها على الترتيب أولها العتق فإن لم يجد فالصوم فإن لم يستطع فالإطعام وقيل هي على التخيير ومنهم من استحب الإطعام أكثر من العتق ومن الصيام ويتصور هنا ترجيح بعض هذه الأقسام على بعض بحسب حال المكلف أو مقصود الشارع فمن رأى
(٦١٩)