وساطة عند الله في تخليصنا والشمس عندنا عبد فقير إلى الله تعالى إلا إن الله به عناية هذا قوله لي ونحن على مائدته نأكل ضيافته يقول الله تعالى في هذه السجدة ومن آياته الضمير يعود على الله الليل والنهار وإن حدث عن الشمس فما هو من آياتها بل هو من آياتي ثم قال والشمس والقمر وأخبرهم أن الله ممحي آية الليل وهو القمر فلا يظهر لنوره حكم في البصر إلا بالليل ونوره معار فإنه انعكاس نور الشمس فإنه لها كالمرآة فالنور الذي يعطيك القمر إنما هو للشمس وهو موصل لا غير لأنه محو وجعل آية النهار مبصرة يعني نورها ظاهرا للبصر وجعلنا ذلك الطلوع والغروب لمن يكون حسابه بالشمس ليعلم فصول سنته ومن يكون حسابه بالقمر عدد السنين والحساب يقول الله في الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج فقال لهم إذا كانت عبادتكم للشمس والقمر لهذه العلة فإنا خالق هذه الآيات دلالات علي فاسجدوا لله الذي خلقهم فجميع الليل والنهار والشمس والقمر في الضمير وغلب هنا التأنيث على التذكير لأن الليل والنهار والشمس والقمر منفعلون لا فاعلون فهو تشبيه واضح لمن عقل وجمعهن جمع من يعقل من المؤنث ينبه بذلك أيضا على نقص الدرجة التي تنبغي للذكورية ولم يقل خلقهم حتى لا يعظم قدرهم بتغليب التذكير عليهم فإن العرب تغلب المذكر على المؤنث في كلامها تقول زيد والفواطم خرجوا ولا تقول خرجن فالله الذي خلقهن أولى بأن تعبدوه منهن لأن مرتبة الفاعل فوق مرتبة المنفعل فالحق أولى وأحق أن يعبد ممن له النقص من طريقين من كونه مخلوقا ومن كونه مؤنثا وقال إن الذين عند ربك يعني العلماء بالله من الملائكة الذين هم دون مقعر فلك القمر يسبحون له بالليل والنهار وهم أعلم بالله منكم فلو كان ما اتخذتموه من هؤلاء آلهة لكانت الملائكة أولى بالسجود لهن منكم لعلمكم أنهم أعلم فهم يسجدون لله من غير سامة ولا فتور (وصل السجدة الثالث عشرة) وهي سجدة الطرب واللهو تنبيه الغافلين عن الله وهي سجدة خاتمة سورة النجم وفي السجود فيها خلاف واقترن بسجودها الأمر الإلهي والذلة والمسكنة لأن السامدين اللاهون فيقول لهم وإن كنتم أهل غناء فتغنوا بالقرآن فهو أولى بكم فاسجدوا لله واعبدوا وقد ورد في الخبر ما أذن الله لنبي كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن يقول ما استمع كاستماعه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يتغن بالقرآن فجعل التغني به من السنة وهي لغة حميرية يقولون اسمد لنا أي غن لنا في وقت حصادهم لينشطوا للعمل وكانت العرب إذا سمعت القرآن غنت حتى لا تسمع القرآن وكانوا يقولون ما أخبر الله عنهم لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه لعلكم تغلبون كما يفعله اليوم من لم يوفقه الله من العلماء إذا سمعوا كلام أهل الله بما يمنحهم الله من الأسرار يقولون هذا هذيان وفشار وأما المتغالون فيقولون هذا كفر ولو سألوا عن معنى ما سمعوا ما عرفوا فقال الله أفمن هذا الحديث يعني من القرآن فيما وعظهم به منهم وتوعدهم ووعدهم تعجبون تكثرون العجب كيف جاء به مثل هذا وما أنزل على عظمائكم كما قالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وتضحكون أي تهزءون منه إذا أتى به وهؤلاء هم الذين ذكرنا من جهلهم أنهم لا يعرفون الحق إلا بالرجال وأنتم سامدون يقول لا هون فلا تفعلوا ولا تتكبروا واخضعوا لله الذي هذا كلامه بلغتكم وتذللوا لمنزله فإن في القرآن ما يبكي من الوعيد وما يضحك ويتعجب فيه من الفرح باتساع رحمة الله ولطفه بعباده ولا تبكون وفي القرآن من الوعيد والمخاوف ما يبكي بدل الدموع دما لمن دبر آياته وأنتم سامدون وفي القرآن هذا كله فما لكم عنه معرضون وموطن الدنيا موطن حذر ولا سيما والموت فيكم رائح وعاد مع الأنفاس ولا تتفكروا إلى أين تصبرون وإلى أين تسافرون وأين تحطون ما هي الدنيا موطن أمان والعالم الحكيم هو الذي يعامل كل موطن بما يستحقه (وصل السجدة الرابع عشرة) وهي سجدة الجمع والوجود فمن سجد سجدة النجم ولم ينتج له في علم النغمات والألحان المطربة الفلكية ورأى أن أصوات كل مصوت مزامير من مزامير الحق في العالم ويشهد داود عليه السلام في هذا الكشف ويرى الأصوات والحروف ناطقة بكل معنى عجيب يهز الجبال الراسيات طربا ويضحك الثكلى سرورا وفرحا فما سجدها وهذه السجدة الأخرى في سورة إذا السماء انشقت وفيها خلاف وسجدها أبو هريرة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسجد فيها عند قوله وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون فهذا سجود الجمع لأنه سجود عند القرآن والجمع يؤذن بالكثرة وقد تكون
(٥١٤)