(وصل في فصل) فإن كان الإمام مكيا فاختلفوا هل يقصر أم لا هنا وبمنى وبالمزدلفة فمن قائل بالقصر ولا بد في هذه الأماكن كان مكيا أو لم يكن وكان من أهل الموضع أو لم يكن ومن قائل لا يقصر إلا إن كان مسافرا فمن راعى السفر أراد أن يناجي الحق تعالى في هذه الصلاة في مقام الوحدانية فيجعل للحق الركعة التي يناجيه منها من حيث أحديته ويجعل لنفسه الركعة الثانية التي يناجيه فيها من حيث أحدية العبد التي بها عرف أحدية الحق في يوم عرفة لتعدي هذا الفعل إلى أمر واحد ومن راعى الإتمام جعل للحق ركعتين الواحدة من حيث ذاته تعالى والثانية من حيث ما هو معلوم لنا بنسبة خاصة تقضي بأن يوصف بأنه معلوم لنا إذ قد كان غير موصوف بأنه معلوم إذ لم يكن لنا وجود في أعياننا فلم يكن ثم من يطلب منه أن يعرفه ويجعل الركعتين الأخريين الواحدة منها لذات العبد من حيث عينه والركعة الثانية من حيث إمكانه الذي يعطيه الافتقار إلى مرجحه في انتسابه إليه وهذه معرفة لدليل والمشاهدة فإنها دليل أيضا فإن المشاهدة طريق موصلة إلى العلم بالمشهود والفكر طريق موصل إلى العلم بالله أيضا من حيث استقلال العقل به وإن لم يشهد فهذا سر الإتمام في الصلاة والقصر لما يعطيه مكان عرفة من المعرفة بالله في الصلاة بهذا المكان (وصل في فصل الجمعة بعرفة) اختلف العلماء في وجوب الجمعة ومتى تجب فقيل لا تجب الجمعة بعرفة وقال آخرون ممن قال بهذا القول إنه اشترط في وجوب الجمعة أن يكون هنالك من أهل عرفة أربعون رجلا ومن قائل إذا كان أمير الحاج ممن لا يفارق الصلاة بمنى ولا بعرفة صلى بهم فيهما الجمعة إذا صادفها وقال قوم إذا كان وإلى مكة يجمع بهم والذي أقول به إنه يجمع بهم سواء كان مسافرا أو مقيما وكثيرين أو قليلين مما ينطلق عليهم في اللسان اسم جماعة واقعة وقعت لنا في ليلة كتابتي هذا الوجه وهي مناسبة لهذا الباب كنت أرى فيما يراه النائم شخصا من الملائكة قد ناولني قطعة من أرض متراصة الأجزاء ما لها غبار في عرض شبر وطول شبر وعمق لا نهاية له فعند ما تحصل في يدي أجدها قوله تعالى وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلى قوله واشكروا لي ولا تكفرون فكنت أتعجب ما كنت أقدر إن أنكر أنها عين هذه الآيات ولا أنكر أنها قطعة أرض وقيل لي هكذا أنزل القرآن أو أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم فكنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول لي هكذا أنزلت علي فخذها ذوقا وهكذا هو الأمر فهل تقدر على إنكار ما تجده من ذلك قلت لا فكنت أحار في الأمر حتى قلت لغلبة الحال علي في ذلك ما ثم إلا حيرة عمت * كلي وبعضي وهي من جملتي والله ما ثم حديث سوى * هذا الذي قد شهدت مقلتي فما أرى غيري وما هو أنا * وذاك مجلاه وذي كلتي فقلت هذا كشف مطابق للجمعة التي جاء بها جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة مرآة مجلوة وفيها نكتة وقال له يا رسول الله هذه الجمعة وهذه النكتة الساعة التي فيها والحديث مشهور فانظر ما أعجب الأمور الإلهية وتجليها في القوالب الحسية وهذا دليل على ارتباط الأمر بيننا وبين الحق فالكل حق والكل خلق * وكل ما نشهدون حق يحوي على الأمر من قريب * وما له في اللسان نطق وكله مثل ما تراه * وكله في الوجود صدق انتهى إمداد الواقعة الجامعة فلنرجع ونقول والله يقول الحق وهو يهدي السبيل الحج نداء إلهي وإذن في الناس بالحج والجمعة نداء إلهي إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فوقعت المناسبة فالجماعة موجودة فوجبت إقامتها بعرفة ولا سبيل إلى تركها ولا سيما والحقائق تعضد ذلك فما وجد كون من الأكوان إلا عن جمع معقول ولا ظهر كون في عين إلا مجموعا من حقائق تظهر ذلك ولم يصح وجود حادث شرعا ولا عقلا وكل ما سوى الله حادث إلا عن ذات ذات إرادة
(٧١٤)