العبد ذلك الترك من الله ويقول لعل الله جعل لي في ذلك خيرا من حيث لا أشعر وهو قوله وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وهو ما لا يوافق الغرض وهو خير لكم فإن فعله له لا يذمه عليه فإنه يعذر من نفسه ويقول أنا طلبته فهذا عين الشبه بين العبد والرب من جهة المكروه وانحصرت أقسام أحكام الشريعة في الحضرة الإلهية وفي العبد ولهذا يقول الصوفية إن العالم خرج على صورة الحق في جميع أحكامه الوجودية فعم التكليف الحضرتين وتوجه على الصورتين فإن قلت فأين الشبه في الجهل ببعض الأشياء وما هناك جهل قلنا قد قلنا في ذلك إن قلت إني لست غير إله * وهو أنا فإنه يجهل لأنني أجهل من هو أنا * وهو أنا فما الذي نفعل فمن يقول إنه الظاهر في المظاهر والمظاهر على ما هي عليه والظاهر فيها هو الموصوف بالعلم بأمور وبالجهل بأمور أعطاه ذلك استعداد المظهر لما انصبغ به فصح الشبه على هذا بل هو هو قال الجنيد في هذا لون الماء لون إنائه انتهى الجزء الحادي والسبعون (بسم الله الرحمن الرحيم) (حديث ثالث عشر بقاء الطيب على المحرم بعد إحرامه) خرج مسلم عن عائشة قالت كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم زاد النسائي بعد ثلاث وهو محرم يعني بعد ثلاث ليال من إحرامه الله تعالى تسمى بالطيب وجعل سبحانه في أمور ومواطن أن يتقرب إليه بصفاته التي تسمى بها وإن من صفاته الكرم وجعله فينا من صفات القرب إليه وهكذا سائر ما وصف الحق به نفسه فبقاء الطيب على المحرم من بقاء صفة الحق عليه إذ كان جعلها وتخلق بها في وقت يجوز له التخلق بها فإن صفات الحق لا يتخلق بها على الإطلاق بل عين لها أحوالا ومواطن فافهم ذلك (حديث رابع عشر في المحرم يدهن بالزيت غير المطيب) خرج الترمذي عن فرقد السبخي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدهن بالزيت وهو محرم غير المفتت قال أبو عيسى المفتت المطيب وفي إسناده مقال من أجل فرقد الزيت مادة الأنوار والمحرم أولى به من كل متلبس بعبادة لكثرة المناسك في الحج فإن لم يكن نوره قويا ممدودا بالنور الإلهي الذي أودع الله في الزيت وأمثاله من الأدهان لبقاء النور وإلا يفوته كثير من إدراك معاني المناسك فنبه بالادهان بالزيت على الإمداد الإلهي للنور قال تعالى يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور فجعله نورا يهدي الله لنوره من يشاء والهداية لا تكون إلا بدليل ولا دليل هنا إلا الزيت ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور فكل ما أبقى عليك وجود النور فذلك النور مجعول له ومراعاة الأصول من التمكن في العلم والحكمة (حديث خامس عشر في اختضاب المرأة بالحناء ليلة إحرامها) ذكر الدارقطني عن ابن عمر أنه كان يقول من السنة أن تدلك المرأة بشئ من الحناء عشية الإحرام وتغلف رأسها بغسلة ليس فيها طيب ولا تحرم عطلا العطل الخالية من الزينة في الصحيح إن الله جميل يحب الجمال والحق أولى من تجمل له خذوا زينتكم عند كل مسجد أراد هنا أن يلحقها بليلة القدر بين الليالي فإن سائر الليالي عطل من زينة ليلة القدر كذلك المرأة إذا أحرمت بغير زينة ولما كانت مأمورة بالستر وفي الإحرام مأمورة بالكشف أراد أن يبقى لها ضربا من حكم الستر في زمان إحرامها فاختضبت بالحناء فسترت بياضها حمرة الحناء فكانت زينة وسترا فأباح للمرأة في هذا الحديث التزين بزينة الله وزينة الله أسماؤه والمرأة في الاعتبار نفس الإنسان فمن تخلق بأسماء الله وصفاته فقد تحلى بزينة الله التي أخرج لعباده في كتابه وعلى ألسنة رسله ولا سيما في الأشهر الحرم ولا سيما شهر ذي الحجة وأعني بالأشهر الحرم التي للحاج أن يحرم فيها والإحرام كله شهرة فإنه لا ستر فيه وسبب إزالة الستر فيه والتجرد إنما هو
(٧٤٠)