فتارة أكون في الجمع وجمع الجمع وتارة أكون في الفرق وفي فرق الفرق على حكم التجلي والوارد يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن * وإن لقيت معديا فعدناني ومن ذلك التعجب والضحك والفرح والغضب التعجب إنما يقع من موجود لا يعلم ذلك المتعجب منه ثم يعلمه فيتعجب منه ويلحق به الضحك وهذا محال على الله تعالى فإنه ما خرج شئ عن علمه فمتى وقع في الوجود شئ يمكن التعجب منه عندنا حمل ذلك التعجب والضحك على من لا يجوز عليه التعجب ولا الضحك لأن الأمر الواقع متعجب منه عندنا كالشاب ليست له صبوة فهذا أمر يتعجب منه فحل عند الله تعالى محل ما يتعجب منه عندنا وقد يخرج الضحك والفرح إلى القبول والرضي فإن من فعلت له فعلا أظهر لك من أجله الضحك والفرح فقد قبل ذلك الفعل ورضي به فضحكه وفرحه تعالى قبوله ورضاه عنا كما إن غضبه تعالى منزه عن غليان دم القلب طلبا للانتصار لأنه سبحانه يتقدس عن الجسمية والعرض فذلك قد يرجع إلى أن يفعل فعل من غضب ممن يجوز عليه الغضب وهو انتقامه سبحانه من الجبارين والمخالفين لأمره والمتعدين حدوده قال تعالى وغضب عليه أي جازاه جزاء المغضوب عليه فالمجازي يكون غاضبا فظهور الفعل أطلق الاسم (التبشش) من باب الفرح ورد في الخبر أن الله يتبشبش للرجل يوطئ المساجد للصلاة والذكر الحديث لما حجب العالم بالأكوان واشتغلوا بغير الله عن الله فصاروا بهذا الفعل في حال غيبة عن الله فلما وردوا عليه سبحانه بنوع من أنواع الحضور أسدل إليهم سبحانه في قلوبهم من لذة نعيم محاضرته ومناجاته ومشاهدته ما تحبب بها إلى قلوبهم فإن النبي ع يقول حبوا الله لما يغذوكم به من نعمه فكنى بالتبشش عن هذا الفعل منه لأنه إظهار سرور بقدومكم عليه فإنه من يسر بقدومك عليه فعلامة سروره إظهار البر بجانبك والتحبب وإرسال ما عنده من نعم عليك فلما ظهرت هذه الأشياء من الله إلى العبيد النازلين به سماه تبششا (النسيان) قال الله تعالى فنسيهم الباري تعالى لا يجوز عليه النسيان ولكنه تعالى لما عذبهم عذاب الأبد ولم تنلهم رحمته تعالى صاروا كأنهم منسيون عنده وهو كأنه ناس لهم أي هذا فعل الناسي ومن لا يتذكر ما هم فيه من أليم العذاب وذلك لأنهم في حياتهم الدنيا نسوا الله فجازاهم بفعلهم ففعلهم أعاده عليهم للمناسبة وقد يكون نسيهم أخرهم نسوا الله أي أخروا أمر الله فلم يعملوا به أخرهم الله في النار حين أخرج منها من أدخله فيها من غيرهم ويقرب من هذا الباب اتصاف الحق بالمكر والاستهزاء والسخرية قال تعالى سخر الله منهم وقال ومكر الله وقال الله يستهزئ بهم (النفس) قال صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن وقوله ع إني لأجد نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن وهذا كله من التنفيس كأنه يقول لا تسبوا الريح فإنها مما ينفس بها الرحمن عن عباده وقال ع نصرت بالصبا وكذلك يقول إني لأجد نفس أي تنفيس الرحمن عني للكرب الذي كان فيه من تكذيب قومه إياه وردهم أمر الله من قبل اليمن فكان الأنصار نفس الله بهم عن نبيه صلى الله عليه وسلم ما كان أكربه من المكذبين فإن الله تعالى منزه عن النفس الذي هو الهواء الخارج من المتنفس تعالى الله عما نسب إليه الظالمون من ذلك علوا كبيرا (الصورة) تطلق على الأمر وعلى المعلوم عند الناس وعلى غير ذلك ورد في الحديث إضافة الصورة إلى الله في الصحيح وغيره مثل حديث عكرمة قال ع رأيت ربي في صورة شاب الحديث هذا حال من النبي صلى الله عليه وسلم وهو في كلام العرب معلوم متعارف وكذلك قوله ع إن الله خلق آدم على صورته اعلم أن المثلية الواردة في القرآن لغوية لا عقلية لأن المثلية العقلية تستحيل على الله تعالى زيد الأسد شدة زيد زهير شعرا إذا وصفت موجودا بصفة أو صفتين ثم وصفت غيره بتلك الصفة وإن كان بينهما تباين من جهة حقائق أخر ولكنهما مشتركان في روح تلك الصفة ومعناها فكل واحد منهما على صورة الآخر في تلك الصفة خاصة فافهم وتنبه وانظر كونك دليلا عليه سبحانه وهل وصفته بصفة كمال إلا منك فتفطن فإذا دخلت من باب التعرية عن المناظرة سلبت النقائص التي تجوز عليك عنه وإن كانت لم تقم قط به ولكن المجسم والمشبه لما أضافها إليه سلبت أنت تلك الإضافة ولو لم يتوهم هذا لما فعلت شيئا من هذا السلب فاعلم وإن كان للصورة هنا مداخل كثيرة أضربنا عن ذكرها رغبة فيما قصدناه في هذا الكتاب من حذف التطويل والله يقول
(٩٧)