(فصل بل وصل في إمامة المفضول) اختلف العلماء في إمامة المفضول فمنهم من أجازها ومنهم من منع من ذلك صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف بلا خلاف وقضى ما فاته وقال أحسنتم (اعتبار ذلك) الفاضل يصلي خلف المفضول ليرقى همته ويرغبه في طلب الأنفس والأعلى سياسة وحسن تربية فإنه داع إلى الله تعالى على بصيرة إن الله يفتح للكبير بصدق توجه الصغير فالصغير مفيد الكبير وإمامه من حيث لا يشعر وكم من مريد صادق وقعت له واقعة وهو معتنى به فعرضها على الشيخ وقد كان الشيخ ما عنده معنى تلك الواقعة وقد استفرغت همة المريد وقطعت إن واقعته لا يعرف حل أشكالها إلا هذا الشيخ ففتح الله على ذلك الشيخ فيها بهمة ذلك المريد وصدقه فيه عناية من الله بالمريد وينتفع الشيخ تبعا وإن كان الشيخ أعلى منه في المقام ولكن ليس من شرط كل مقام إذا دخله الإنسان ذوقا أن يحيط بجميع ما يتضمنه من جهة التفصيل فإنا نعلم قطعا أنا نجتمع مع الأنبياء عليهم السلام في مقامات وبيننا وبينهم في العلم بأسرارها بون بعيد يكون عندهم ما ليس عندنا وإن شملهم المقام فهذه إمامة المفضول فافهم ولا تغالط نفسك فتقول أنا شيخ هذا فإنا أعلم منه بما تطلبه التربية وقد لا تكون أعلم منه بما تنتجه وقد رأينا ذلك معاينة في حق أشخاص والحمد لله انتهى الجزء الأربعون (بسم الله الرحمن الرحيم) (فصل بل وصل في حكم الإمام إذا فرع من قراءة الفاتحة هل يقول آمين أم لا يقولها) اختلف العلماء في ذلك فمن قائل يؤمن ومن قائل لا يؤمن (وصل في الاعتبار في ذلك) إن جعل الإنسان نفسه أجنبية عنه فإنه يخاطبها مخاطبة الأجنبي يقول الله تعالى ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه وهذا يجده كل إنسان ذوقا تقتضيه نشأته ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للإنسان المكلف إن لنفسك عليك حقا فأضاف النفس إليه والشئ لا يضاف إلى ذاته فجعل النفس غير الإنسان وأوجب لها عليه حقا تطلبه منه فإن كان هو التالي فلا لنفسه عند فراع الفاتحة آمين وإن كانت النفس التالية فلا بد أن يقول هو آمين والإنسان واحد العين كثير بالقوى ويؤيده قوله فمنهم ظالم لنفسه وبادرني عبدي بنفسه في القائل نفسه فمن كان هذا مشهده قال يؤمن الإمام والمنفرد ومن رأى أن الإمام عين واحدة أو يرى أنه قال بربه في قوله بي يسمع وبي يبصر وبي يتكلم وقد كان الشيخ أبو مدين ببجاية يقول ما رأيت شيئا إلا رأيت الباء عليه مكتوبة يشير إلى هذا المقام وهي تسمى باء الإضافة مثل قوله أيضا فمن كان مشهده هذا يقول لا يؤمن الإمام والتأمين أولى بكل وجه فإن المكلف مأمور إذا دعا أن يبدأ بنفسه وقوله آمين دعاء يقول اللهم أمنا بالخير وبما قصدناك فيه والإنسان بحكم حاله ومشهده وفي الحديث الثابت إذا أمن الإمام فآمنوا والحديث الآخر إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين (فصل بل وصل متى يكبر الإمام) فمن قائل بعد تمام الإقامة واستواء الصفوف ومن قائل قبل أن يتم الإقامة ومن قائل بعد قول المؤذن قد قامت الصلاة وبالتخيير أقول في ذلك (الاعتبار) الإقامة للقيام بين يدي الله تعالى فإنه يقول حي على الصلاة واستواء الصفوف مثل صفوف الملائكة عند الله تعالى الذين أقسم بهم في قوله والصافات صفا وهي إشارة إلى إقامة العدل فإن الإنسان بروحه ملك مدبر لما ولاة الله عليه من هذه النشأة الذي أشار إليه بالبلد الأمين لكونه أما جامعة مثل مكة التي هي أم القرى والفاتحة أم الكتاب فلا بد من فروض الأحكام لإقامة العدل في العبادات التي خوطب بها جماعة الجوارح فاجتماع الهم على ذلك واجب ظاهرا وباطنا فمن رأى مثل هذا يكبر بعد الإقامة واستواء الصفوف كأنه يقول الله أكبر من أن يتقيد تكبيره بمثل هذه الصفة لإحاطته إطلاقا بكل حال ووجه فإنه أعطى كل شئ خلقه فإنه على صراط مستقيم فلما كلف عباده بالمشي على صراط خاص عينه لهم كان من عدل إليه سعد ومن عدل عنه شقي ومن راعى المسارعة إلى
(٤٤٨)