أنا حي عند حي * لم يحاسبني بشئ قال فرجع الأستاذ إلى بيته ولزم فراشه مريضا مما أثر فيه حال الفتى فلحق به فمن قرأ إياك نعبد على قراءة الشاب فقد قرأ ثم قال الله يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فيقول الله هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال العارف اهدنا أحضر الاسم الإلهي الهادي وسأله أن يهديه الصراط المستقيم أن يبينه له ويوفقه إلى المشي عليه وهو صراط التوحيدين توحيد الذات وتوحيد المرتبة وهي الألوهية بلوازمها من الأحكام المشروعة التي هي حق الإسلام في قوله صلى الله عليه وسلم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله فيحضر في نفسه الصراط المستقيم الذي هو عليه الرب من حيث ما يقود الماشي عليه إلى سعادته أخبر الله تعالى عن هود أنه قال إن ربي على صراط مستقيم فإن العارف إذا مشى على ذلك الصراط الذي عليه الرب تعالى على شهود منه كان الحق أمامه وكان العبد تابعا للحق على ذلك الصراط مجبورا وكيف لا يكون تابعا مجبورا وناصيته بيد ربه يجره إليه فإن الله يقول ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم فدخل في حكم هذه الآية جميع ما دب علوا وسفلا دخول ذلة وعبودية والناس في ذلك بين مكاشف يرى اليد في الناصية أو مؤمن فكل دابة دخلت عموما ما عدا الإنس والجن فإنه ما دخل من الثقلين إلا الصالحون منهم خاصة ولو دخل جميع الثقلين لكان جميعهم على طريق مستقيم صراط الله من كونه ربا يقول تعالى وإن من شئ إلا يسبح بحمده وقال في حق الثقلين خاصة على طريق الوعيد والتخويف حيث لم يجعلوا نواصيهم بيده وهو أن يتركوا إرادتهم لإرادته فيما أمر به ونهى سنفرغ لكم أيها الثقلان ولهذا قال صراط الذين أنعمت عليهم يريد الذين وفقهم الله وهم العالمون كلهم أجمعهم والصالحون من الإنس مثل الرسل والأنبياء والأولياء وصالحي المؤمنين ومن الجان كذلك فلم يجعل الصراط المستقيم إلا لمن أنعم الله عليه من نبي وصديق وشهيد وصالح وكل دابة هو آخذ بناصيتها فإذا حضر العارف في هذه القراءة جعل ناصيته بيد ربه في غيب هويته ومن شذ شذ إلى النار وهم الذين استثنى الله تعالى بقوله غير المغضوب عليهم أي إلا من غضب الله عليهم لما دعاهم بقوله حي على الصلاة فلم يجيبوا ولا الضالين فاستثني بالعطف من حاروهم أحسن حالا من المغضوب عليهم فمن لم يعرف ربه أنه ربه وأشرك معه في ألوهيته من لا يستحق أن يكون إلها كان من المغضوب عليهم فإذا أحضر العبد مثل هذا وأشباهه في نفسه عند تلاوته قالت الملائكة آمين وقال باطن الإنسان الذي هو روحه المشارك للملائكة في نشأتهم وطهارتهم آمين أي أمنا بالخير لما كان والتالي الداعي اللسان ثم يصغي إلى قلبه فيسمع تلاوة روحه فاتحة الكتاب مطابقة لتلاوة لسانه فيقول اللسان مؤمنا على دعائه أي دعاء روحه بالتلاوة من قوله اهدنا فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة في الصفة موافقة طهارة وتقديس ذوات كرام بررة أجابه الحق عقيب قوله آمين باللسانين فإن ارتقى يكون الحق لسانه إلى تلاوة الحق كلامه فإذا قال آمين قالت الأسماء الإلهية آمين والأسماء التي ظهرت من تخلق هذا العبد بها آمين فمن وافق تأمين أسمائه أسماء خالقه كان حقا كله فهذا قد أبنت لك أسلوب القراءة في الصلاة فاجر عليها على قدر اتساع باعك وسرعة حركتك وأنت أبصر فما منا إلا من له مقام معلوم ومنا الصافون والمسبحون (فصل بل وصل في قراءة القرآن في الركوع) وأما قراءة القرآن في الركوع فمن قائل بالمنع ومن قائل بالجواز والذي اتفقوا عليه التسبيح في الركوع واختلفوا هل فيه قول محدود أم لا فمن قائل لا حد في ذلك ومن قائل بالحد في ذلك وهو أن يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا وفي السجود سبحان ربي الأعلى ثلاثا والقائل بهذا منهم من يرى وجوبه وأن الصلاة تبطل بتركه وأدناه ثلاث مرات ومنهم من لا يقول بوجوبه وهم عامة العلماء ومن قائل ينبغي للإمام أن يقولها خمسا حتى يدرك من وراءه أن يقولها ثلاثا فأقول في باب الأسرار لما كان المصلي في وقوفه بين يدي ربه في الصلاة له نسبة إلى القيومية ثم انتقل عنها إلى حالة الركوع الذي هو الخضوع وكذلك السجود لم تنبغ أن تكون هذه الصفة لله فشرع النبي صلى الله عليه وسلم على ما فهم من كلام الله لما نزل عليه فسبح باسم ربك العظيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم ثم نزل
(٤٢٦)