عندنا أشرف مقام يصل إليه العبد ويتصف به في الدنيا والآخرة فإن الصلاح صفة أمتن الله بها على من وصفه بها من خاصته وهي صفة يسأل نيلها كل نبي ورسول وعندنا من العلم بها ذوق عظيم ورثناه من الأنبياء عليهم السلام ما رأيته لغيرنا والصلاح صفة ملكية روحانية فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيها إذا قال العبد في التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أصابت كل عبد صالح لله في السماء والأرض ومن مقام إبراهيم عليه السلام إن الله آتاه أجره في الدنيا وهو قول كل نبي إن أجري إلا على الله أجر التبليغ فكان أجره أن نجاه الله من النار فجعلها عليه بردا وسلاما فارجوا من الله أن يجعل كل مخالفة ومعصية صدرت مني يكون حكمها في حكم النار في إبراهيم عليه السلام حين رمى فيها عناية من الله لا عن عمل وإنه في الآخرة لمن الصالحين أي لذلك الأجر ما نقصه كونه في الدنيا قد حصله بما يناله منه في الآخرة شيئي ومن مقام إبراهيم عليه السلام الوفاء فإنه الذي وفى فأرجو أن أكون من الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ويصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب وعليه أدل الناس أبدا وأربى عليه أصحابي فلا أترك أحدا عهد مع الله عهدا وهو يسمع مني ينقضه كان ما كان من قليل الخير وكثيره ولا أدعه يتركه لرخصة تظهر له تسقط عنه الإثم فيه ومع هذا فيوفي بعهد الله ولا بنقضه تماما للمقام الأعلى وكما لا فإن النفس إذا تعودت نقض العهد واستحلته لا يجئ منها شئ أبدا فهذا كله من مقام إبراهيم الذي أمرنا أن نتخذه مصلى فقال واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى أي موضع دعاء إذا صليتم فيه إن ندعو في نيل هذه المقامات التي حصلت لإبراهيم الخليل عليه السلام كما قررناه وفي هذه الواقعة أيضا قيل لي قل لأصحابك استغنموا وجودي من قبل رحلتي فنظمت ذلك وضمنته هذا اللفظ فقلت بعد ما استيقظت قد جاءني خطاب * من عند بغيتي * بأن أقول قولا * لأهل ملتي استغنموا وجودي * من قبل رحلتي * لكي أرى بعيني * من كان قبلتي وفي وجودي أيضا * من كان علتي * فإنني فقير * لسد خلتي محبتي مقامي * والحال خلتي * فعينه وجودي * والعلم حلتي دعوت عين نفسي * لما تولت * عن ذكر ما أتاها * وما استقلت فعند ما تجلى * مع الأهلة * إلى شهود عيني * من خلف كلتي ومد لي يمينا * من أجل قبلتي * فما رأيت غيري * إذ كان جملتي ورأيت في هذه الواقعة أنواعا كثيرة من مبشرات إلهية بالتقريب الإلهي وما يدل على العناية والاعتناء فأرجو من الله أن يحقق ذلك في الشاهد فإن الأدب يعطي أن أقول في مثل هذا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكن من عند الله يمضه مع علمه بأنه من عند الله فما قلت مثل هذا قط في واقعة إلا وخرجت مثل فلق الصبح فإني في هذا القول متأس ومقتد برسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى في المنام أن جبريل عليه السلام أتاه بعائشة في سرقة حرير حمراء وقال له هذه زوجتك فلما قصها على أصحابه قال إن يكن من عند الله يمضه فجاء بالشرط لسلطان الاحتمال الذي يعطيه مقام النوم وحضرة الخيال فكان كما رأى وكما قيل له فزوجها بعد ذلك فاتخذت ذلك في كل مبشرة أراها وانتفعت بالاتباع فيه وما قلت هذا كله إلا امتثالا لأمر الله في قوله وأما بنعمة ربك فحدث وأية نعمة أعظم من هذه النعم الإلهية الموافقة للكتاب والسنة ثم نرجع ونقول فإذا فرع من طواف الإفاضة إن كان عليه سعى خرج يسعى على ما قررنا قبل في السعي عند الكلام عليه وإلا أتى زمزم فتضلع من مائها وهي بئر فهو علم خفي في صورة طبيعية عنصرية قد اندرج فيها تحيي بها النفوس يدل على العبودية المحضة فإن حكم الله تعالى في الطبيعة أعظم منه في السماوات والأرض لأنهما من عالم الطبيعة عندنا وعن الطبيعة ظهر كل جسم وجسد وجسماني في عالم الأجسام العلوي والسفلي (وصل) في فصل قوله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ولم يقل للحاج فأنزل الحج في الآية منزلة الناس ما أنزله منزلة الديون والبيوع وإن كان المعنى يطلبه فعلمنا إن حكم الحج عند الله ليس حكم الأشياء التي
(٧٢٣)