فكل ونم وإن كان الإنسان هو الجامع لعينه ونفسه الحيوانية ولكن جعل الله لكل واحد منهما حقا يخصه فحق العين هنا النوم وحق النفس النباتية التغذي وهو الأكل فلا يضم شئ إلى شئ فإن النوم ما يقوم مقام الأكل ولا الأكل يقوم مقام النوم فلا يضم شئ إلى شئ والذي يرى ضم الشئ إلى الشئ يرى ضم النوم إلى الأكل فإن الأكل سبب في حصول النوم لما يتولد منه من الأبخرة المرطبة التي يكون بها النوم فتنال العين حقها والنفس حقها فلا بأس بضم الذهب إلى الفضة لحصول الحق من ذلك المجموع (وصل في فصل الشريكين) فمن قائل إن الشريكين لا زكاة عليهما في مالهما حتى يكون لكل واحد منهما نصاب وبه أقول ومن قائل إن المال المشترك حكمه حكم مال رجل واحد (الاعتبار في ذلك) العمل من الإنسان إذا وقع فيه الاشتراك فليس فيه حق لله فلا زكاة فيه لأن الله تعالى يقول أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فإنا منه برئ وهو الذي أشرك وقال صلى الله عليه وسلم من قال هذا لله ولوجوهكم فهو لوجوهكم ليس لله منه شئ والنصاب بالاشتراك غير معتبر فإن الشريكين في حكم الانفصال وإن كانا متصلين فإن الاتصال هو الدليل على وجود الانفصال إذ لولا الفصل لم يكن الاتصال وإذا كان الحكم للإنفصال ولم يبلغ أحدهما ما عنده النصاب في ماله لم تجب عليه الزكاة فإن الزكاة وإن كانت تطلب المال فما تطلبه إلا من المكلف بإخراجه ألا ترى المال الذي في بيت المال ما فيه زكاة لاشتراك الخلق فيه مع وجود النصاب فيه وحلول الحول إذا مسكه الإمام ولم يفرقه لمصلحة رآها في ذلك فلما اعتبر الخلق المشتركين فيه لم تبلغ حصة واحد منهم النصاب ولم يتعين أيضا رب المال فإذا عينه الإمام ودفع إليه ما يبلغ النصاب فقد خرج من بيت المال وتعين مالكه فزال ذلك الحكم فإذا مضى عليه الحول أدى زكاته انتهى الجزء الرابع والخمسون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في فصل زكاة الإبل) الزكاة فيها بالاتفاق وقدرها ونصابها مذكور في أحكام الشريعة (الاعتبار) حكم الشارع على الإبل إنها شياطين فأوجب فيها الزكاة لتطهر بذلك من هذه النسبة إذ الزكاة مطهرة رب المال من صفة البخل الشيطنة البعد يقال بئر شطون إذا كانت بعيدة القعر وسمي الشيطان لبعده من رحمة الله لما أبى واستكبر وكان من الكافرين والأفعال والأعمال إذا لم تنسب إلى الله فقد أبعدت عن الله فوجبت الزكاة فيها وهو ما لله فيها من الحق يردها إليه سبحانه فإذا ردت إليه اكتسبت حلة الحسن فقيل أفعال الله كلها حسنة والزكاة واجبة على المعتزلي من حيث اعتقاده خلق أعمال العباد لهم والأشعري تجب عليه الزكاة لإضافة كسبه في العمل إلى نفسه وكان في كل خمس ذود شاة والخمس هو عين الزكاة من الورق وهو ربع العشر فصار حكم العدد الذي كان زكاة يزكى أيضا كمن يرى الزكاة في الأوقاص فيخرج من كل أربعة دنانير درهما ومن أربعين درهما درهما وكما أخرجت من الذهب درهما في الأوقاص وليس الورق من صنف الذهب كذلك الشاة تخرج في زكاة خمس من الإبل وليست من صنفها كذلك يؤخذ حق الله من الجارحة بالحرق بالنار والقطع في السرقة والنفس المكلفة هي السارقة وليست من جنس الجارحة وتطهرت من حكم السرقة بقطع اليد كما تطهر الخمس من الإبل بإخراج الشاة وليست من صنف المزكى وقد تقدم حكم الأوقاص فلا يحتاج إلى ذكره هنا (وصل في صغار الإبل) فمن قائل تجب فيها الزكاة ومن قائل لا تجب (الاعتبار) الصغير لا يجب عليه التكليف حتى يبلغ فلا زكاة في صغار الإبل والصغير يعلم الصلاة ويضرب عليها وهو ابن عشر سنين ولا يضرب إلا على واجب والبلوع ما حصل فتجب الزكاة في صغار الإبل العقل إذا وجد من الصبي وإن لم يبلغ فمن اعتبر البلوغ أسقط التكليف ومن اعتبر استحكام العقل أوجب
(٥٩٥)