العالم عقلا ونفسا متى كنت نبيا قال وآدم بين الماء والطين فبه بدئ الوجود باطنا وبه ختم المقام ظاهرا في عالم التخطيط فقال لا رسول بعدي ولا نبي فالرحيم هو محمد صلى الله عليه وسلم وبسم هو أبونا آدم وأعني في مقام ابتداء الأمر ونهايته وذلك أن آدم ع هو حامل الأسماء قال تعالى وعلم آدم الأسماء كلها ومحمد صلى الله عليه وسلم حامل معاني تلك الأسماء التي حملها آدم عليهما السلام وهي الكلم قال صلى الله عليه وسلم أوتيت جوامع الكلم ومن أثنى على نفسه أمكن وأتم ممن أثنى عليه كيحيى وعيسى عليهما السلام ومن حصل له الذات فالأسماء تحت حكمه وليس من حصل الأسماء أن يكون المسمى محصلا عنده وبهذا أفضلت الصحابة علينا فإنهم حصلوا الذات وحصلنا الاسم ولما راعينا الاسم مراعاتهم الذات ضوعف لنا الأجر ولحسرة الغيبة التي لم تكن لهم فكان تضعيف على تضعيف فنحن الإخوان وهم الأصحاب وهو صلى الله عليه وسلم إلينا بالأشواق وما أفرحه بلقاء واحد منا وكيف لا يفرح وقد ورد عليه من كان بالأشواق إليه فهل تقاس كرامته به وبره وتحفيه وللعامل منا أجر خمسين ممن يعمل بعمل أصحابه لا من أعيانهم لكن من أمثالهم فذلك قوله بل منكم فجدوا واجتهدوا حتى يعرفوا أنهم خلفوا بعدهم رجالا لو أدركوه ما سبقوهم إليه ومن هنا تقع المجازاة والله المستعان (تنبيه) ثم لتعلم إن بسم الله الرحمن الرحيم أربعة ألفاظ لها أربعة معان فتلك ثمانية وهم حملة العرش المحيط وهم من العرش وهنا هم الحملة من وجه والعرش من وجه فانظر واستخرج من ذاتك لذاتك (تنبيه) ثم وجدنا ميم بسم الذي هو آدم ع معرقا ووجدنا ميم الرحيم معرقا الذي هو محمد صلى الله عليه وسلم تسليما فعلمنا إن مادة ميم آدم ع لوجود عالم التركيب إذ لم يكن مبعوثا وعلمنا إن مادة ميم محمد صلى الله عليه وسلم لوجود الخطاب عموما كما كان آدم عندنا عموما فلهذا امتدا (أنبأه) قال سيدنا الذي لا ينطق عن الهوى إن صلحت أمتي فلها يوم وإن فسدت فلها نصف يوم واليوم رباني فإن أيام الرب كل يوم من ألف سنة مما نعد بخلاف أيام الله وأيام ذي المعارج فإن هذه الأيام أكبر فلكا من أيام الرب وسيأتي إن شاء الله ذكرها في داخل الكتاب في معرفة الأزمان وصلاح الأمة بنظرها إليه صلى الله عليه وسلم وفسادها بإعراضها عنه فوجدنا بسم الله الرحمن الرحيم يتضمن ألف معنى كل معنى لا يحصل إلا بعد انقضاء حول ولا بد من حصول هذه المعاني التي تضمنها بسم الله الرحمن الرحيم لأنه ما ظهر إلا ليعطي معناه فلا بد من كمال ألف سنة لهذه الأمة وهي في أول دورة الميزان ومدتها ستة آلاف سنة روحانية محققة ولهذا ظهر فيها من العلوم الإلهية ما لم يظهر في غيرها من الأمم فإن الدورة التي انقضت كانت ترابية فغاية علمهم بالطبائع والإلهيون فيهم غرباء قليلون جدا يكاد لا يظهر لهم عين ثم إن المتأله منهم ممتزج بالطبيعة ولا بد والمتأله منا صرف خالص لا سبيل لحكم الطبع عليه (مفتاح) ثم وجدنا في الله وفي الرحمن ألفين ألف الذات وألف العلم ألف الذات خفية وألف العلم ظاهرة لتجلى الصفة على العالم ثم أيضا خفيت في الله ولم تظهر لرفع الالتباس في الخط بين الله واللاه ووجدنا في بسم الذي هو آدم ع ألفا واحدة خفيت لظهور الباء ووجدنا في الرحيم الذي هو محمد صلى الله عليه وسلم ألفا واحدة ظاهرة وهي ألف العلم ونفس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذات فخفيت في آدم ع الألف لأنه لم يكن مرسلا إلى أحد فلم يحتج إلى ظهور الصفة وظهرت في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكونه مرسلا فطلب التأييد فأعطى الألف فظهر بها ثم وجدنا الباء من بسم قد عملت في ميم الرحيم فكان عمل آدم في محمد صلى الله عليه وسلم وجود التركيب وفي الله عمل سبب داع وفي الرحمن عمل بسبب مدعو ولما رأينا أن النهاية أشرف من البداية قلنا من عرف نفسه عرف ربه والاسم سلم إلى المسمى ولما علمنا إن روح الرحيم عمل في روح بسم لكونه نبيا وآدم بين الماء والطين ولولاهما ما كان سمي آدم علمنا إن بسم هو الرحيم إذ لا يعمل شئ إلا من نفسه لا من غيره فانعدمت النهاية والبداية والشرك والتوحيد وظهر عز الاتحاد وسلطانه فمحمد للجمع وآدم للتفريق (إيضاح) الدليل على إن الألف في قوله الرحيم ألف العلم قوله ولا خمسة إلا هو سادسهم وفي ألف باسم ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم فالألف الألف ولا أدنى من ذلك باطن التوحيد ولا أكثر يريد ظاهره ثم خفيت الألف في آدم من باسم لأنه أول موجود ولم يكن له منازع يدعي مقامه فدل بذاته من أول وهلة على وجود موجدة لما كان مفتتح وجودنا وذلك لما
(١٠٩)