ولا تشبيه بل كما يليق بجلاله فإن المصلي يواجه ربه في قبلته كذا ورد عن الصادق صلى الله عليه وسلم والمناجاة مفاعلة والمفاعلة فعل فاعلين في بعض المواطن هذا منها فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين فالله عند هذا القول من العبد سميع فينبغي للعبد إذا فرع من الآية أن يلقي السمع وهو شهيد فيسكت حتى يرى ما يقول له الحق جل جلاله في ذلك أدبا مع الحق لا ينبغي له أن يداخله في الكلام فإن ذلك من الأدب في المحاورات والحق أحق أن يتأدب معه فيقول الله حمدني عبدي فمن عبيد الله من يسمع ذلك القول بسمعه فإن لم تسمعه بسمعك فأسمعه إيمانا به فإنه أخبر بذلك وهكذا يقول لك في كل آية بحسب ما تقتضيه تلك الآية فمن الأدب الإصغاء لما يقوله القائل لك من ناجيته فإذا داخلته في كلامه أي في حال ما يكلمك فقد أسأت الأدب هذا عام في كل متكلم مع من يكلمه فالأمر بين سامع ومتكلم لتحصيل الفائدة واعلم أنه من لا أدب له لا تتخذه الملوك جليسا ولا سميرا ولا أنيسا (فصل بل وصل في البسملة في افتتاح القراءة في الصلاة) اختلف علماء الشريعة في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في افتتاح القراءة في الصلاة فمن قائل بالمنع سرا وجهرا لا في أم القرآن ولا في غيرها من السور وذلك في المكتوبة وأجازها في النافلة ومن قائل تقرأ مع أم القرآن في كل ركعة سرا ومن قائل يقرأ بها ولا بد في الجهر جهرا وفي السر سرا والذي أقول به أن التعوذ بالله من الشيطان الرجيم عند افتتاح قراءة القرآن في صلاة وفي غيرها فرض للأمر الإلهي الوارد في قوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم وقراءة البسملة في القراءة في الصلاة فرضا كانت الصلاة أو نفلا في الفاتحة والسورة أولى من تركها فإن الفرض على المصلي أن يقرأ ما تيسر من القرآن وقد عين الله الذي أراد من القرآن في الصلاة وهو الذي تيسر فقد عرف بعد ما نكر وذلك هو الفاتحة فإن تيسر له قراءة البسملة قرأها وإن لم تتيسر قراءتها في الفاتحة وغيرها فلا حرج وأما الفاتحة فلا بد منها في الصلاة وإن لم يقرأ الفاتحة فما هي الصلاة التي قسمها الحق بينه وبين عبده والبسملة عندنا آية من القرآن حيثما وردت من القرآن وهي آية إلا في سورة النمل في كتاب سليمان فإنها جزء من آية ما هي آية كاملة والله أعلم الاعتبار عند أهل الله في ذلك فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه والقرآن كلام الله وقد ورد إذا استطعم الإمام من خلفه فليطعمه فسماه طعاما فناسب الأكل فلهذا أتينا بآيات الأكل في الاعتبار ومن قرأ القرآن معتقدا أنه كلام الله فقد سمي الله متكلما وإن كان هذا الاسم ما ورد فافهم فهمنا الله وإياك مواقع خطابه (فصل بل وصل القراءة في الصلاة وما يقرأ به من القرآن فيها) من الناس من أوجب القراءة في الصلاة وعليه الأكثر ومن الناس من لم ير وجوب القراءة ومن الناس من أوجبها في بعض الصلاة ولم يوجبها في بعض والذي أذهب إليه وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة وإن تركها لم تجزه صلاته ثم اختلفوا أيضا فيما يقرأ به من القرآن في الصلاة فمنهم من أوجب قراءة أم القرآن في الصلاة إن حفظها وبه أقول وما عداها من القرآن ما فيه توقيت ومن هؤلاء من أوجبها في كل ركعة ومنهم من أوجبها في أكثر الصلاة ومنهم من أوجبها في نصف الصلاة ومنهم من أوجبها في ركعة من الصلاة ومنهم من أوجب قراءة القرآن أي آية اتفقت ومن هؤلاء من حد ثلاث آيات من قصار الآي وآية واحدة من طوال الآي كآية الدين وهذا في الركعتين الأوليين وأما في الركعتين الأخريين فاستحب قوم التسبيح دون القراءة واتفق الجمهور وهم الأكثرون على استحباب القراءة في الصلاة كلها وبه أقول اعتبار أهل الله في ذلك المصلي يناجي ربه والمناجاة كلام والقرآن كلام الله والعبد قاصر أن يعرف من نفسه ما ينبغي أن يكلم به ربه في وقت مناجاته التي دعاه إليها في صلاته فعلمه ربه كيف يناجيه وبما ذا يناجيه به لما قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي بنصفين ثم قال يقول العبد الحمد لله رب العالمين فهذا إخبار من الحق يتضمن تعليم العبد ما يناجيه به فيقول الله حمدني عبدي الحديث فما ذكر في حق المصلي إذا ناجاه أن يناجيه بغير كلامه ثم إنه تعالى عين له من كلامه أم القرآن إذ كان لا ينبغي أن يناجي إلا بكلامه وبالجامع من كلامه ولأم هي الجامعة وهي أم
(٤١٣)