القدوم فهذا من وجه رفق الله بعبده وأخر السبعة إذا رجع إلى أهله فهناك يأخذها منه فإنه في رجوعه أيضا قادم عليه فإن الحق مع أهله أينما كانوا فإذا رجع إلى أهله وجد الحق معهم فصام هدية سبعة أيام فقبلها الحق منه في أهله أو حيثما ما كان فإن الله مع عباده أينما كانوا ومن رأى أن العين واحدة وإن اختلفت النسب لم ير أنه فسخ مع وجود الفسخ مثل قوله وما رميت إذ رميت فنفى وأثبت كذلك هذا وما فسخت إذ فسخت فمن كان شهوده في نفسه الحج خاصة لم يحل له الأصغر والأكبر فلم يفسخ وبقي على نيته الأولى لقوله تعالى وأتموا الحج فهو بحسب مشهده والأول أتم وهو القائل بالفسخ والتعدي عن الفسخ فهو فاسخ لا فاسخ (تفريع في التمتع) اختلف علماء الإسلام فيمن أنشأ عمرة في غير أشهر الحج ثم حج من عامه ذلك فمن قائل عمرته في الشهر الذي حل فيه فهذا متمتع عنده بلا شك فإن حل في غير أشهر الحج عنده فليس بمتمتع واشترط بعضهم أن يكون طوافه كله في أشهر الحج وقال بعضهم إن طاف ثلاثة أشواط في رمضان وأربعة في شوال كان متمتعا وقال بعضهم من أهل بعمرة في غير أشهر الحج فسواء طاف في أشهر الحج أو لم يطف لا شئ عليه فإنه ليس بمتمتع اعلم أنه لما كانت أسماء الحق منها ما يعطي الاشتراك ومنها ما لا يعطي الاشتراك والذي لا يعطي الاشتراك كالمعز والمذل والذي يعطي الاشتراك كالعليم والخبير فإذا كان العبد تحت حكم اسم ما من الأسماء الإلهية التي تعطي الاشتراك فهو بمنزلة من أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج وعملها في أشهر الحج فهل للاسم الأول فيه حكم إذا انتقل إلى الاسم الآخر فانظر إن كان أحدهما يتضمن الآخر في أمر ما كالخبير والعالم كان في عمله تحت حكم الآخر لأنه صاحب الوقت وأنت أخيذه بأكثر مما أخذ منك الوقت الأول وإن كان مشهدك أول الإنشاء وأنه المؤثر ولولاه لم يصح حكم هذا الآخر كالنية في الصلاة ثم لا يحضر في أثناء الصلاة فصحت الصلاة لحكم الأول وقوته فمن كان مشهده هذا نفى أن يكون هذا متمتعا فإنه بحكم الإنشاء لا بحكم الانتهاء فاعلم ذلك وأما أكثر شروط التمتع الذي يكون به المتمتع متمتعا فهي عند بعضهم خمسة منها أن يجمع بين العمرة والحج في سفر واحد الثاني أن يكون ذلك في عام واحد الثالث أن يفعل شيئا من العمرة في أشهر الحج الرابع أن ينشئ الحج بعد الفراغ من العمرة وإحلاله منها الخامس أن يكون وطنه غير مكة أما الجمع في سفر واحد وذلك أن يدعوه اسمان فما زاد أو اسم يتضمن اسمين فما زاد كما قدمنا فيجيب في ذلك السفر الواحد إليهما بحسب ما دعوا إليه كالمغني إذا دعاه إليه فإنه يتضمن في المدعو حكم الاسم المعز فإنه إذا استغنى اعتز والعزة لا تكون إلا من الاسم المعز وما اعتز هنا إلا بالاسم المغني لأنه أغناه فأورثته صفة الغني العزة فلو لا إن المغني يتضمن الاسم المعز ما ظهرت العزة في هذا الغني بما استغنى به وأما العام الواحد فإنه كمال الزمان إذا العام فيه كمال الزمان لحصره الفصول فكمال الزمان هو بظهور الأبد الذي به كمل الدهر فإن الأزل نفي الأولية والأبد نفي الآخرية فما بقي طرفان فليس إلا دهر واحد إذ كان نسبة الأزل للحق نسبة الزمان للخلق في العامة بنسبة الزمان الماضي فينا فلهذا إلا يعبر عن الفعل فيه إلا بالماضي فيقولون كان ذلك في الأزل وفعل ذلك في الأزل وقد بينا حقيقة مدلول هذه اللفظة في كتابنا هذا وفي جزء لنا سميناه الأزل وأما كونه أن يكون شئ من العمرة في أشهر الحج فهو أن يكون قصد الإنسان إلى ربه من حيث ما يقتضيه حق الله عليه فيه ووفاء بحق العبودية فللعمل وجه في هذا ووجه في هذا وأما أن ينشئ الحج بعد الفراغ من العمرة والإحلال منها فهو بمنزلة الإخلاص في العبادة والخروج من حكم اسم إلهي مقابل لاسم إلهي لا يجتمعان كالضار والنافع والمعطي والمانع وأما الوطن أن يكون غير مكة فذلك بين فإن العبد موطنه العبودية ولا يستطيع الخروج من موطنه إلا إذا دعاه الحق إليه فلو ضمه معه موطن لما دعاه إليه (وصل في فصل في القران) فهو عندنا أن يهل بالعمرة والحج معا فإن أهل بالعمرة ثم بعد ذلك أهل بالحج فهذا مردف وهو قارن أيضا ولكن بحكم الاستدراك فمن جمع بين العمرة والحج في إحرام واحد فهو قران سواء قرن بالإنشاء أو بعده بزمان ما لم يطف بالبيت
(٦٩٢)