بالوضع الثاني إذ لا واضع إلا الله فاستلم الأركان كلها من كونها أركانا موضوعة بوضع إلهي وفق الله من شاء من المخلوقين لإظهارها على أيديهم ولكن لا دخول لهم من كونهم أركانا في التقبيل والمصافحة فينبغي للطائف إذا قيل الحجر وسجد عليه بجبهته كما جاءت السنة وصافحه بلمسه إياه بيده أن يستلم ركنه حتى يكون قد استلم الأركان كلها فإن لم يفعل فما استلم إلا أن يرى أن الحجر الأسود من جملة أحجار الركن فيكون عين مصافحته استلامه (وصل في فصل الركوع بعد الطواف) طفت بالبيت سبعة وركعت * بمقام الخليل ثم رجعت لطوافي فطفت سبعا وعدنا * لمقام الخليل ثم ركعت لم أزل بين ذا وذاك أنادي * يا حبيب القلوب حتى سمعت يا عبيدي فقلت لبيك ربي * ها أنا ذا أجبت ثم أطعت فأمروا بالذي تشاءون مني * إن باب القبول مني فتحت أجمع العلماء على أنه من سنن الطواف ركعتان بعد انقضاء الطواف وجمهورهم على أنه يأتي بهما بعد انقضاء كل أسبوع إن طاف أكثر من أسبوع وأجاز بعضهم أن لا يفرق بين الأسابيع ولا يفصل بينهما بركوع ثم يركع لكل أسبوع ركعتين والذي أقول به إن الأولى أن يصلي عند انقضاء كل أسبوع فإن جمع أسابيع فلا ينصرف إلا عن وتر فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما انصرف من الطواف إلا عن وتر فإنه انصرف عن سبعة أشواط أو عن طواف واحد فإن زاد فينصرف عن ثلاثة أسابيع وهي أحد وعشرون شوطا ولا ينصرف عن أسبوعين فإنه شفع وبالأشواط أربعة عشر شوطا وهي شفع فجاء بخلاف السنة في طوافه من كل وجه فاعلم إن الطواف قد روى أنه صلاة أبيح فيها الكلام وإن لم يكن فيه ركوع ولا سجود كما سميت صلاة الجنائز صلاة شرعا وما فيها ركوع ولا سجود وأقل ما ينطلق عليه اسم صلاة ركعة وهي الوتر وإذا انضاف إلى الطواف ركعتان كانت وترا مثل المغرب التي توتر صلاة النهار فأشبه الطواف مع الركعتين صلاة المغرب وهي فرض فأوتر الحق شفعية العبد ولا يقال في الرابع من الأربعة إنه قد شفع وترية العبد فإن العبد ما له وترية في عينه فإنه مركب وكل مركب فقير فيحتاج إلى وتر يستند إليه لا ينفرد بشفعية في نفسه فلا يكون أبدا إلا وترا ثلاثة أو خمسة أو سبعة إلى ما لا يتناهى من الأفراد فإن كان رابعا أو سادسا فهو رابع ثلاثة لا رابع أربعة وسادس خمسة لا سادس ستة فهو واحد الأصل مضاف إلى وتر فما نسبته إلا لعينه إذ هو عين كل وتر لأنه بظهوره أبقى اسم الوترية على من أضيف إليه فقيل رابع ثلاثة لا رابع أربعة ورابع الثلاثة لا يكون إلا واحدا فسواء ورد على وتر أو على شفع الحكم فيه واحد فإنك تقول فيه خامس أربعة كما تقول رابع ثلاثة فما زالت الأحدية تصحبه في كل حال فهو مثل قوله كان الله ولا شئ معه وهو الواحد وهو الآن على ما عليه كان فأقام الآن مقام الأعداد والأعداد منها أشفاع ومنها أوتار فإذا أضفت الحق إليها لم تجعله واحدا منها فتقول ثالث اثنين ورابع ثلاثة إلى ما لا يتناهى فتميز بذاته فالذي ثبت له من الحكم ولا عالم ثبت له والعالم كائن فتلك الأحدية المطلقة له في حال وجود العالم وفي حال عدمه فالطائف إن انفرد بالطواف كان وترا وإن أضاف إليه الركعتين كان وترا من حيث إنه صلاة يقوم مقام الركعة الواحدة ومن تم طوافه أشبه الصلاة الرباعية لوجود الثمان السجدات التي يتضمنها الأسبوع من السجود على الحجر عند تقبيله بالحس وهي ثمان تقبيلات في كل أسبوع عند الشروع فيه وفي كل شوط عند انقضائه فمن أقام الطواف بهذا الاعتبار على الطريقين جوزي جزاء صلاة الفريضة الرباعية والثلاثية الجامعة للفرض والوتر الذي هو سنة أو واجب فالأولى أن لا يؤخر الركعتين عن أسبوعهما وليصلهما عند انقضاء الأسبوع فإن قرأ في الطواف كان كمن قرأ في الصلاة ومن لم يقرأ فيه كان كمن يرى أن الصلاة تجزئ بلا قراءة واعلم أن هاتين الركعتين عقيب الطواف إنما ولدها فيك الطواف فإن الطواف قام لك مقام الأفلاك التي هي السماوات السبع لأنه شكل مستدير فلكي وكذلك الفلك فلما أنشأت سبعة أدوار في الطواف أنشأت سبعة أفلاك أوحى الله في كل سماء أمرها من حيث لا يشعر بذلك إلا عارف بالله فإذا
(٧٠٤)