تابعة للأحوال وقد ثبت الأمر بالصلاة لها وما خص وقتا من وقت وهي صلاة مأمور بها بخلاف النافلة فإنها غير مأمور بها فإن حملنا الصلاة على الدعاء دعونا في الوقت المنهي عن الصلاة فيه وصلينا في غيره من الأوقات وبه أقول (وصل في فصل الخطبة فيها) اختلف علماء الشريعة في ذلك فمن قائل إن الخطبة من شرطها ومن قائل ليس في صلاة الكسوف خطبة والذي أذهب إليه أنه يستحب للإمام أن يخطب بالناس ليذكرهم ويحذرهم فإن الكسوف من الآيات التي يخوف الله بها عباده (وصل الاعتبار في هذا الفصل) الخطبة موعظة وذكرى والآية منبهة وذكرى والكسوف آية تخويف فوقعت المناسبة فترجح جانب من يقول باشتراط الخطبة وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم ذكر الناس بعد الفراغ من الصلاة (وصل في فصل كسوف القمر) فمن قائل يصلي لكسوف القمر في جماعة كصلاة كسوف الشمس ومن قائل لا يصلي له في جماعة واستحب صاحب هذا القول أن يصلي له أفذاذ ركعتين ركعتين كسائر النوافل والذي أذهب إليه الصلاة في الجماعة أولى إن قدر عليها (اعتبار هذا الفصل) لما كان كسوف الشمس سببه القمر كان كسوف القمر كالعقوبة له لكسوفه الشمس فتضمن كسوف القمر آيتين فكانت الصلاة له في الجماعة أولى فإن شفاعة الجماعة لها حرمة أكثر من حرمة الواحد فالجمع لها ينبغي أن يكون آكد من الجمع بكسوف الشمس وكسوف القمر نفسي كما قدمنا والنفس أبدا هي المزاحمة للربوبية بخلاف العقل فكان ذنبها أعظم وحالها أخطر فاجتماع الشفعاء عند الشفاعة أولى من إتيانهم أفذاذا ومن اعتبر في الكسوفات الخشوع كما ورد في الحديث الذي تقدم كان منبها على الخشوع للمصلي فإن الله يقول قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون وقال وإنها يعني الصلاة لكبيرة إلا على الخاشعين وخشوع كل خاشع على قدر علمه بربه وعلمه بربه على قدر تجليه له (وصل في فصل صلاة الاستسقاء) فمن قائل بصلاة الاستسقاء ومن قائل لا صلاة فيه والحجة لمن قال بالصلاة إنه من لم يذكر شيئا فليس بحجة على من ذكر وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين جهر فيهما بالقراءة وحول رداءه ورفع يديه واستسقى واستقبل القبلة والعلماء مجمعون على إن الخروج إلى الاستسقاء والبروز عن المصر والدعاء والتضرع إلى الله تعالى في نزول المطر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلفوا في الصلاة في الاستسقاء كما ذكرنا والذي أقول به إن الصلاة ليست من شرط صحة الاستسقاء والقائلون بأن الصلاة من سنته يقولون أيضا إن الخطبة من سنته وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى فيه وخطب واختلف القائلون بالخطبة هل هي قبل الصلاة أو بعدها فاتفق القائلون بالصلاة أن قراءتها جهر واختلفوا هل يكبر فيها مثل تكبير العيدين أو مثل تكبير سائر الصلوات ومن السنة في الاستسقاء استقبال القبلة واقفا والدعاء ورفع اليدين وتحويل الرداء باتفاق واختلفوا في كيفية تحويل الرداء فقال قوم يجعل الأعلى أسفل والأسفل أعلى وقال قوم يجعل اليمين على الشمال والشمال على اليمين والذي أقول به أن يجمع بين الثلاث الكيفيات الأعلى أسفل واليمين على الشمال والباطن ظاهرا واختلفوا متى يحول ثوبه فقال قوم عند الفراغ من الخطبة وقال قوم إذا مضى صدر من الخطبة والذي أذهب إليه أن وقت التحويل وقت الدعاء فإنه سؤال بالحال في تحويل الحالة واختلفوا في وقت الخروج إليه فقيل في وقت صلاة العيدين وقيل عند الزوال وروى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الاستسقاء حين بدا حاجب الشمس (وصل الاعتبارات) في جميع ما ذكرناه اعتبار الاستسقاء الاستسقاء طلب السقيا وقد يكون طالب السقيا لنفسه أو لغيره أو لهما بحسب ما تعطيه قرائن الأحوال فأما أهل الله المختصون به الذين شغلهم به عنهم وعرفهم بأنهم إن قاموا فهم معه وهو معهم وإن رحلهم رحلوا به إليه فلا يبالون في أي منزل أنزلهم إذ كان الحق مشهودهم في كل حال فإن عاشوا في الدنيا فيه عيشهم وإن انقلبوا إلى الأخرى
(٥٠١)