للمؤمنين من بني آدم فلما عاد الفطر عبادة مفروضة سمي عيدا وعاد ما كان مباحا واجبا (فصول ما أجمع عليه أكثر العلماء) الغسل مستحسن في هذا اليوم للخروج إلى الصلاة بلا خلاف أعني في استحسانه والسنة ترك الأذان والإقامة إلا ما أحدثه معاوية على ما ذكره أبو عمر بن عبد البر في أصح الأقاويل عنه في ذلك والسنة تقدم الصلاة على الخطبة في هذا اليوم إلا ما فعله عثمان بن عفان رضي الله عنه وبه أخذ عبد الملك بن مروان رحمه الله نظرا واجتهادا ومبني على ما فهم من الشارع من المقصود بالخطبة ما هو وأجمعوا أن لا توقيت في القراءة في صلاة العيدين مع استحباب قراءة سبح اسم ربك الأعلى في الأولى وفي الثانية الغاشية وكذلك سورة ق في الأولى وسورة القمر في الثانية اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم (الاعتبار في هذا الفصل) الغسل وهو الطهارة العامة والطهارة تنظيف فليلبس أحسن لباسه ظاهرا وهو الريش وباطنا وهو لباس التقوى والمراد بالتقوى هنا ما بقي به الإنسان كشف عورته أو ألم الحر والبرد وهو خير لباس من الريش ولما توفرت الدواعي على الخروج في هذا اليوم إلى المصلي من الصغير والكبير وما شرع من الذكر المستصحب للخارجين سقط حكم الأذان والإقامة لأنهما للاعلام لينبه الغافلين والتهيؤ هنا حاصل لحضور القلب مع الله يغني عن إعلام الملك بلمته التي هي بمنزلة الأذان والإقامة للاسماع والذي أحدث معاوية مراعاة للنادر وهو تنبيه الغافل فإنه ليس ببعيد أن يغفل عن الصلاة بما يراه من اللعب بالتفرج فيه وكانت النفوس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوفرة على رؤيته صلى الله عليه وسلم وفرجتها في مشاهدته وهو الإمام فلم يكن يشغلهم عن التطلع إليه شاغل في ذلك اليوم فلم يشرع أذانا ولا إقامة وأما تقديم الصلاة على الخطبة فإن العبد في الصلاة مناج ربه وفي الخطبة مبلغ للناس ما أنزل إليه من التذكير في مناجاته فكان الأولى تقديم الصلاة على الخطبة وهي السنة فلما رأى عثمان بن عفان إن الناس يفترقون إذا فرغوا من الصلاة ويتركون الجلوس إلى استماع الخطبة قدم الخطبة مراعاة لهذه الحالة على الصلاة تشبها بصلاة الجمعة فإنه فهم من الشارع في الخطبة إسماع الحاضرين فإذا افترقوا لم تحصل الخطبة لما شرعت له فقدمها ليكون لهم أجر الاستماع ولو فهم عثمان رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا ما فعله واجتهد ولم يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما يمنع منه ولقرائن الأحوال أثر في الأحكام عند من ثبتت عنده القرينة وتختلف قرائن الأحوال باختلاف الناظر فيها ولا سيما وقد قال صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي وقال في الحج خذوا عني مناسككم فلو راعى صلى الله عليه وسلم صلاة العيد مع الخطبة مراعاة الحج ومراعاة الصلاة لنطق فيها كما نطق في مثل هذا وكذلك ما أحدثه معاوية كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره خال المؤمنين فالظن بهم جميل رضي الله عن جميعهم ولا سبيل إلى تجريحهم وإن تكلم بعضهم في بعض فلهم ذلك وليس لنا الخوض فيما شجر بينهم فإنهم أهل علم واجتهاد وحديثو عهد بنبوة وهم مأجورون في كل ما صدر منهم عن اجتهاد سواء أخطئوا أم أصابوا وأما التوقيت في القراءة فما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كلام وإن كان قد قرأ بسورة معلومة في بعض أعياده مما نقل إلينا في أخبار الآحاد وقد ثبت في القرآن المتواتر أن لا توقيت في القراءة في الصلاة بقوله فاقرءوا ما تيسر من القرآن ولا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها وهو ما يتذكره في وقت الصلاة والقرآن كله طيب وتاليه مناج ربه بكلامه فإن قرأ بتلك السورة فقد جمع بين ما تيسر والعمل بفعله صلى الله عليه وسلم فهو مستحب والتأسي به مشروع لنا وليس بفرض ولا سنة (وصل في فصل التكبير في صلاة العيدين) فقال قوم يكبر بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة في الركعة الأولى سبع تكبيرات وقيل بتكبيرة الإحرام ويكبر في الثانية بعد تكبيرة القيام إلى الركعة الثانية خمس تكبيرات وقال آخرون يكبر في الأولى قبل القراءة وبعد تكبيرة الإحرام ثلاث تكبيرات ويكبر في الركعة الثانية بعد القراءة ثلاث تكبيرات ثم يكبر للركوع وحكى أبو بكر بن إبراهيم بن المنذر في التكبير اثني عشر قولا (وصل في اعتبار هذا الفصل) زيادة التكبير في صلاة العيدين على
(٥١٨)