التعلقات كما قد ذكرناه في غير ما موضع فيوجب العبادات من ذلك الباب وبذلك النظر ليظهر ذلك الفعل في ذلك المحل من ذلك الاسم الإلهي القائم به إذا خاطبه اسم إلهي ممن له حكم الحال والوقت فتعين على هذا الاسم الإلهي الآخر إن تحرك هذا المحل لما طلب منه فسمى ذلك عبادة وهو أقصى ما يمكن الوصول إليه في باب إثبات التكاليف في عين التوحيد حتى يكون الآمر المأمور والمتكلم السامع وأما اعتبار من فرق بين ما تخرجه الأرض وبين ما لا تخرجه الأرض فاعتباره ما بطهره من الموصوف بالوجود الذي هو الممكن من الأشياء على يديه مما هو سبب ظهورها فإن أضاف وجود ذلك إلى ما أضاف إليه وجوده قال لا زكاة وإن لم يضف واعتبر ظهورها منه قال بالواجب وأما من فرق بين الناض وما سواه فالناض لما كان له صفة الكمال أو التشبه بالكمال ونزل ما سوى الناض عن درجة الكمال أو التشبه بالكمال واتصف بالنقص أوجب الزكاة في الناقص ليطهره من النقص ولم يوجبه في الكمال فإن الكمال لا يصح أن يكون في غيره إذ لا كمال إلا في الوحدة ومن ذلك أهل الذمة والأكثر على أنه لا زكاة على ذمي إلا طائفة روت تضعيف الزكاة على نصارى بنى تغلب وهو أن يؤخذ منهم ما يؤخذ من المسلمين في كل شئ وقال به جماعة ورووه من فعل عمر بهم وكأنهم رأوا أن مثل هذا توقيف وإن كانت الأصول تعارضه والذي أذهب إليه أنه لا يجوز أخذ الزكاة من كافر وإن كانت واجبة عليه مع جميع الواجبات إلا أنه لا يقبل منه شئ مما كلف به إلا بعد حصول الايمان به فإن كان من أهل الكتاب ففيه عندنا نظر فإن أخذ الجزية منهم قد يكون تقريرا من الشارع لهم دينهم الذي هم عليه فهو مشروع لهم فيجب عليهم إقامة دينهم فإن كان فيه أداء زكاة وجاءوا بها قبلت منهم والله أعلم وليس لنا طلب الزكاة من المشرك وإن جاء بها قبلناها يقول الله تعالى وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة ويقول الله تعالى قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف والكافر هنا المشرك ليس الموحد (وصل) الاعتبار قال الله تعالى لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة الإل الله اسم من أسمائه والذمة العهد والعقد فإن كان عهدا مشروعا فالوفاء به زكاته فالزكاة على أهل الذمة فإن عليهم الوفاء بما عوهدوا عليه من أسقط عنهم الزكاة أي أن الذمي إذا عقد ساوى بين اثنين في العقد ومن ساوى بين اثنين جعلهما مثلين وقد قال تعالى ليس كمثله شئ فلا يقبل توحيد مشرك فإن المشرك مقر بتوحيد الله في عظمته لقوله ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فهذا توحيد بلا شك ومع هذا منع الشرع من قبوله واعلم أن الدليل يضاد المدلول والتوحيد المدلول والدليل مغاير فلا توحيد فمن جعل الدليل على التوحيد نفس التوحيد لم يكن هنالك من تجب عليه زكاة فلا زكاة على الذمي والزكاة طهارة فلا بد من الايمان فإن الايمان طهارة الباطن وليس الايمان المعتبر عندنا إلا أن يقال الشئ لقول المخبر على ما أخبر به أو يفعل ما يفعل لقول المخبر لا لعين الدليل العقلي وعلم الشرك من أصعب ما ينظر فيه لسريان التوحيد في الأشياء إذ الفعل لا يصح فيه اشتراك البتة فكل من له مرتبة خاصة به لا سبيل له أن يشرك فيها وما ثم إلا من له مرتبة خاصة لكن الشرك المعتبر في الشرع موجود وبه تقع المؤاخذة (وصل متمم) اعلم أن الكفار مخاطبون بأصل الشريعة وهو الايمان بجميع ما جاء به الرسول من عند الله من الأخبار وأصول الأحكام وفروعها وهو قوله صلى الله عليه وسلم وتؤمنوا بي وبما جئت به وهو العمل بحسب ما اقتضاه الخطاب من فعل وترك فالإيمان بصدقة التطوع أنها تطوع واجب وهو من أصول الشريعة وإخراج صدقة التطوع فرع ولا فرق بينها وبين الصدقة الواجبة في الايمان بها وفي إخراجها وإن لم يتساويا في الأجر فإن ذلك لا يقدح في الأصل فإن افترقا من وجه فقد اجتمع من الوجه الأقوى فالإيمان أصل والعمل فرع لهذا الأصل بلا شك ولهذا إلا يخلص للمؤمن معصية أصلا من غير أن يخالطها طاعة فالمخلط هو المؤمن العاصي فإن المؤمن إذا عصى في أمر ما فهو مؤمن بأن ذلك معصية والايمان واجب فقد أتى واجبا فالمؤمن مأجور في عين عصيانه والايمان أقوى ولا زكاة على أهل الذمة بمعنى أنها لا تجزى عنهم إذا أخرجوها مع كونها واجبة عليهم كسائر جميع فروض الشريعة لعدم الشرط المصحح لها وهو الايمان بجميع ما جاءت به الشريعة لا بها ولا ببعض ما جاء به الشرع فلو آمن بالزكاة وحدها أو بشئ من الفرائض أنها فرائض أو بشئ من النوافل أنها نافلة ولو ترك الايمان بأمر واحد من فرض أو نفل لم يقبل منه إيمانه إلا أن يؤمن بالجميع ومع هذا فليس لنا أن نسأل ذميا ذكاته فإن أتى بها
(٥٥٣)