الله عز وجل قد أمدكم بصلاة وهي خير لكم من حمر النعم فجعلها لكم فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر فهذا يدخل فيه الوتر وغير الوتر وهذا الحديث هو من رواية عبد الله بن راشد عن عبد الله بن أبي مرة ولم يسمع منه وليس له إلا هذا الحديث وكلاهما ليس ممن يحتج به ولا يكاد ورواه عبد الله بن أبي مرة عن خارجة ولا يعرف له سماع من خارجة ولما ذكر الترمذي هذا الحديث بهذا الإسناد قال فيه حديث غريب وخرجه الدارقطني من حديث النضر بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث وفيه إن الله قد أمدكم بصلاة وهي الوتر والنضر ضعيف عند الجميع ضعفه البخاري وابن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وقال فيه ابن معين لا تحل الرواية عنه وقد ضعفه غير هؤلاء وقد روى أيضا من طريق العزرمي والعزرمي متروك وروى من طريق حجاج بن أرطاة وهو ضعيف ورواه أبو جعفر الطحاوي من حديث نعيم بن حماد وهو ضعيف وأما حديث البزار عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الوتر واجب على كل مسلم ففي إسناده جابر الجعفي وأبو معشر المديني وغيرهما وكلهم ضعفاء وأما حديث أبي داود في ذلك فهو عن عبيد الله بن عبد الله العتكي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا وعبيد الله هذا وثقه يحيى بن معين وقال فيه أبو حاتم صالح الحديث وأما حديث أبي أحمد بن عدي من حديث أبي حباب حديث ثلاث على فريضة وعليكم تطوع فذكر منهن الوتر وأبو حباب كان يدلس في الحديث وحديث البزار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أمرت بركعتي الفجر والوتر وليس عليكم في إسناده جابر بن بريد الجعفي وهو ضعيف وخرجه الدارقطني من حديث عبد الله بن محرز من رواية أنس وابن محرز متروك وذكر أبو داود من حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر وقد تقدم اعتبار حكمه فيما تقدم في فصل عدد الصلوات المفروضات على الأعيان وغير المفروضات على الأعيان وهو الفصل الذي يليه هذا الفصل (وصل في فصل صفة الوتر) فمنهم من استحب أن يوتر بثلاث يفصل بينهما بسلام ومنهم من لا يفصل بينهما بسلام ومنهم من يوتر بواحدة ومنهم من يوتر بخمس لا يجلس إلا في آخرها وقد أوتر بسبع وتسع وإحدى عشرة وبثلاث عشرة وهو أكثر ما روى في ذلك في وتره صلى الله عليه وسلم قد بينا لك في الاعتبار قبل هذا في كون المغرب وتر صلاة النهار فأمر بوتر صلاة الليل لتصح الشفعية في العبادة إذا العبادة تناقض التوحيد فإنها تطلب عبادا ومعبودا والعابد لا يكون المعبود فإن الشئ لا يذل لنفسه ولهذا قسم الصلاة بين العبد والرب بنصفين فلما جعل المغرب وتر صلاة النهار والصلاة عبادة غارت الأحدية إذ سمعت الوترية تصحب العبادة فشرعت وتر صلاة الليل لتشفع وتر صلاة النهار فتأخذ بوتر الليل ثارها من وتر صلاة النهار ولهذا يسمى الذحل وترا وهو طلب الثار فإن أوتر بثلاث فهو من قوله فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ومن أوتر بواحدة فهو مثل قوله لا قود إلا بحديدة فمن فصل في الثلاث بسلام راعى لا قود إلا بحديدة وراعى حكم الأحدية ومن لم يفصل راعى أحدية الإله فمن أوتر بواحدة فوتره أحدي ومن أوتر بثلاث فهو توحيد الألوهة ومن أوتر بخمس فهو توحيد القلب ومن أوتر بسبع فهو توحيد الصفات ومن أوتر بتسع فقد جمع في كل ثلاث توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الأفعال ومن أوتر بإحدى عشرة فهو توحيد المؤمن ومن أوتر بثلاث عشرة فهو توحيد الرسول وليس وراء الرسالة مرمى فإنها الغاية وما بعدها إلا الرجوع إلى النبوة لأن عين العبد ظاهر هناك بلا شك ومن السنة أن يتقدم الوتر شفع والسبب في ذلك أن الوتر لا يؤمر بالوتر فإنه لو أمر به لكان أمرا بالشفع وإنما المأمور بالوتر من ثبتت له الشفعية فيقال له أوترها فإن الوتر هو المطلوب من العبد فما أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إلا عن شفع قال تعالى والشفع والوتر وقد قدمنا إن الشفعية حقيقة العبد إذ الوترية لا تنبغي إلا لله من حيث ذاته وتوحيد مرتبته أي مرتبة الإله لا تنبغي إلا لله من غير مشاركة والعبودية عبوديتان عبودية اضطرار ويظهر ذلك في أداء الفرائض وعبودية
(٤٨٩)