واحدا عليها لما اختلفت الحركات وهي مختلفة فدل إن التوجه الذي حرك القمر في فلكه ما هو التوجه الذي حرك الشمس ولا غيرها من الكواكب والأفلاك ولو لم يكن الأمر كذلك لكانت السرعة أو الإبطاء في الكل على السواء قال تعالى كل في فلك يسبحون فلكل حركة توجه إلهي أي تعلق خاص من كونه مريدا وقولنا إنما اختلفت التوجهات لاختلاف المقاصد فلو كان قصد الحركة القمرية بذلك التوجه عين قصد الحركة الشمسية بذلك التوجه لم يتميز أثر عن أثر والآثار بلا شك مختلفة فالتوجهات مختلفة لاختلاف المقاصد فتوجهه بالرضى عن زيد غير توجهه بالغضب على عمرو فإنه قصد تعذيب عمرو وقصد تنعيم زيد فاختلفت المقاصد وقولنا إنما اختلفت المقاصد لاختلاف التجليات فإن التجليات لو كانت في صورة واحدة من جميع الوجوه لم يصح أن يكون لها سوى قصد واحد وقد ثبت اختلاف القصد فلا بد أن يكون لكل قصد خاص تجل خاص ما هو عين التجلي للآخر فإن الاتساع الإلهي يعطي أن لا يتكرر شئ في الوجود وهو الذي عولت عليه الطائفة والناس في لبس من خلق جديد يقول الشيخ أبو طالب المكي صاحب قوت القلوب وغيره من رجال الله عز وجل إن الله سبحانه ما تجلى قط في صورة واحدة لشخصين ولا في صورة واحدة مرتين ولهذا اختلفت الآثار في العالم وكني عنها بالرضى والغضب وقولنا إنما اختلفت التجليات لاختلاف الشرائع فإن كل شريعة طريق موصلة إليه سبحانه وهي مختلفة فلا بد أن تختلف التجليات كما تختلف العطايا ألا تراه عز وجل إذا تجلى لهذه الأمة في القيامة وفيها منافقوها وقد اختلف نظرهم في الشريعة فصار كل مجتهد على شرع خاص هو طريقه إلى الله ولهذا اختلفت المذاهب وكل شرع في شريعة واحدة والله قد قرر ذلك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم عندنا فاختلفت التجليات بلا شك فإن كل طائفة قد اعتقدت في الله أمرا ما إن تجلى لها في خلافه أنكرته فإذا تحول لها في العلامة التي قد قررتها تلك الطائفة مع الله في نفسها أقرت به فإذا تجلى للأشعري في صورة اعتقاد من يخالفه في عقده في الله وتجلى للمخالف في صورة اعتقاد الأشعري مثلا أنكره كل واحد من الطائفتين كما ورد وهكذا في جميع الطوائف فإذا تجلى لكل طائفة في صورة اعتقادها فيه تعالى وهي العلامة التي ذكرها مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقروا له بأنه ربهم وهو هو لم يكن غيره فاختلفت التجليات لاختلاف الشرائع وقولنا إنما اختلفت الشرائع لاختلاف النسب الإلهية قد تقدم ودار الدور فكل شئ أخذته من هذه المسائل صلح أن يكون أولا وآخرا ووسطا وهكذا كل أمر دوري يقبل كل جزء منه بالفرض الأولية والآخرية وما بينهما وقد ذكرنا مثل هذا الشكل الدوري في التدبيرات الإلهية مضاهيا لقول المتقدم إذ قال العالم بستان سياجة الدولة الدولة سلطان تحجبه السنة السنة سياسة يسوسها الملك الملك راع يعضده الجيش الجيش أعوان يكفلهم المال المال رزق يجمعه الرعية الرعية عبيد تعبدهم العدل العدل مألوف فيه صلاح العالم العالم بستان ودار الدور ويكفي هذا القدر من الإيماء إلى العلل والأسباب مخافة التطويل فإن هذا الباب واسع جدا إذ كان العالم كله مرتبطا بعضه ببعض أسباب ومسببات وعلل ومعلولات والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الجزء الخامس والعشرون (بسم الله الرحمن الرحيم) (الباب التاسع والأربعون) في معرفة قوله صلى الله عليه وسلم إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن ومعرفة هذا المنزل ورجاله نفس الرحمن ليس له * في سوى الرحمن مستند حكمه في كل طائفة * ما لها ركن ولا سند يمن الأكوان منزله * وهو لا روح ولا جسد ما له حد يعينه * وهو المطلوب والصمد فجميع الخلق يطلبه * ثم لم يظفر به أحد
(٢٦٦)