الاسم العدل الحكم ليحكم بين الإسمين المتقابلين الراحم وإخوانه والمنتقم وإخوانه فيقول إن الله أمرني أن أحكم بينكما وهو قوله فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا فيقول للطائفتين من الأسماء ارقبوا هذا العبد إلى آخر نفس فإن فارق هذا الجسم وهو على كفره فليتسلمه المنتقم وتتأخر أنت عنه أيها الراحم وجماعتك فيقول الراحم سبقت الرحمة الغضب فإنا السابق فلا أتأخر فيقول له العدل إنما يعتبر السبق في انتهاء المدى والمدى بعد ما انتهى فاترك المنتقم إلى أن يستوفي منه مقدار زمان المخالفة والخذلان فذلك انتهاء المدى فإذا انتهى فلك تجديد المطالبة فيحكم الله عند ذلك بما يشاء فإن بعثني حاكما حكمت بما يعطيه علمي وإن ولي المفضل أو المنتقم حكم أيضا بحسب ما أذن له فيه فينفصلون على هذا الحد وإن كان الخاذل في هذا المحل لم يعط كفرا وأعطى معصية ووقع هذا التقابل بين الأسماء فجاء الحكم العدل وكلم كل واحدة من الطائفتين وسمع دعواهما وأن كل واحد منهما يدعي الحق له فيطلبهم بالبينة فيقول المنتقم أي بينة أوضح من وقوع الفعل إما تراه سكران إن كان يشرب الخمر أو سارقا أو قاتلا أو ما كان من أمور التعدي فيقول الحكم هذه الأفعال وإن وقعت فهي موضع شبهة والحاكم لا يحكم إلا ببينة فإن وقوع الشرب للخمر لا يؤذن بأنه ارتكب محرما ربما غص بلقمة ربما هو مريض فما استعمل إلا ما يحل له استعماله ربما قتل هذا قاتل أبيه أو أحدا ممن هذا القاتل وليه واعتدى عليه بمثل ما اعتدى لا أعلم ذلك إلا بدليل فصورته صورة مخذول ولكن بهذه الشبهة فيقول خصمي يسلم لي أن هذا متعد حد الله في شربه الخمر أو قتله أو ما كان من أفعال المعاصي في ذلك الحال فيقول الراحم نعم صدق إلا أن لي في المحل سلطانا قويا يشد مني وهو معي على المنتقم قال له الحاكم ومن هو قال الاسم المؤمن قد نزل عنده في دار الايمان وهو قلبه فله الأمان قال فادعه فجاء فقال أنت في هذا المحل عابر سبيل أو هو محلك وملكك فيقول هو محلي وملكي وما عارضني في ملكي صاحب هذا الفعل الذي هو العاصي فجزاه الله خيرا عني يستعملني في كل حال بما تعطيه حقيقتي وأنا محتاج إليه فيقول للمنتقم تأخر عنه حتى نشاور الاسم المريد الذي هو الحاجب الأقرب إلى الله فإن له المشيئة في هذا العبد وفي هذا الحكم فلا يزال الأمر متوقفا إلى انتهاء المدى وهو الأجل المسمى الذي هو الموت فإن مات على المخالفة تسلمه المريد وإن تاب عند الموت تأخر المنتقم عنه بالكلية وتسلمه الراحم وأصحابه فانتهاء المدى في العاصي إنما هو إلى زمن الموت وفي الكافر كما قررناه فاعلم ذلك انتهى الجزء الثامن والخمسون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في فصل صيام يوم الشك) خرج الترمذي عن عمار بن ياسر قال من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم قال هذا حديث حسن صحيح جمهور العلماء على النهي عن صيام يوم الشك على أنه من رمضان واختلفوا في تحرى صيامه تطوعا فمنهم من كرهه ومنهم من أجازه وأما حديث عمار عندي فما هو نص ولأمر مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو يحتمل أن يكون عن نظر من عمار ويحتمل أن يكون عن خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم إن صامه على أنه من رمضان ثم جاء الثبت أنه من رمضان أجزأه (الاعتبار) لما كان الشك يتردد بين أمرين من غير ترجيح أشبه حال العبد إذا كان الحق سمعه وبصره فإن نظر الناظر إلى كون الحق سمعه قال إنه حق وإن نظر إلى إضافة السمع إلى العبد بالهاء من قوله سمعه قال إنه عبد وما ثم حالة ترجح أحد الناظرين على الآخر فيسقطان وإذا سقطا بقيا بحكم الأصل والأصل هو وجود عبد ورب هذا هو الأصل النظري والشرعي من وجه وأما أصل الأصل المراعي قبل هذا الأصل بل الذي هذا الأصل فرع عنه فهو وجود رب في عين عبد فهذا هو أصل الأصول الكشفي الشرعي من وجه فاعمل بحسب ما يتقوى عندك في ذلك وما هو مشربك فقف عنده حتى يتبين لك وجه الحق في المسألة فتكون عند ذلك من أهل الكشف والوجود (وصل في فصل حكم الإفطار في التطوع)
(٦٣٣)