الفصل) الصلاة المقسومة بين الله وبين العبد ليست في الأفعال وإنما هي في قراءة المصلي فاتحة الكتاب وما في معناها من أقوال الإنسان في الصلاة عند أهل الله فيجوز الوتر على الراحلة وهو مصل ومن راعى تنزيه الحق جل جلاله في كل فعل في الصلاة واعتباره فيما يناسب الحق من ذلك قال لا يجوز الوتر على الراحلة لأن من شروط صحة الصلاة ما يسقط في مشي الراحلة إذا توجهت لغير القبلة فإن اعترض بوتر النبي صلى الله عليه وسلم على الراحلة حيث توجهت فاعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كله وجه بلا قفا فإنه قال صلى الله عليه وسلم إني أراكم من خلف ظهري فأثبت الرؤيا لحاله ومقامه فثبتت الوجهية له وذكر الخلف والظهر لبشريته فإنهم ما يرون رؤيته ويرون خلفه وظهره ولما ورثته صلى الله عليه وسلم في هذا المقام وكانت لي هذه كنت أصلي بالناس بالمسجد الأزهر بمدينة فاس فإذا دخلت المحراب أرجع بذاتي كلها عينا واحدا فأرى من جميع جهاتي كما أرى قبلتي لا يخفى على الداخل ولا الخارج ولا واحد من الجماعة حتى أنه ربما يسهو من أدرك معي ركعة من الصلاة فإذا سلمت ورددت وجهي إلى الجماعة أدعو أرى ذلك الرجل يجبر ما فاته فيخل بركعة فأقول له فاتك كذا وكذا فيتم صلاته ويتذكر فلا يعرف الأشياء ولا هذه الأحوال إلا من ذاقها ومن كانت هذه حاله فحيث كانت القبلة فهو مواجهها هكذا ذقته بنفسي فلا ينبغي أن يصلي على الراحلة إلا صاحب هذا الحال ورأيت مقالة لبعض أهل الظاهر أنه لا يجوز الوتر إلا على الراحلة فقط لا على غير الراحلة من حمار وبغل وفرس ولا على الراحلة إلا الوتر فقط فما أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قط على راحلته حيث توجهت إلا والقبلة في وجهه كما قررناه ومن كان له مثل هذه الحال يثبت له في صلاته وجميع تصرفاته قوله تعالى فأينما تولوا فثم وجه الله ووجه الله للمصلي إنما هو في قبلته فدل إن من حاله هذا الوصف ويرى القبلة بعين منه تكون في الجهة التي تليها فهو مصل للقبلة (وصل في فصل من نام على وتر ثم قام فبدا له أن يصلي من الليل) فمن قائل يصلي ركعة تشفع له وتره ثم يصلي ما شاء ثم يوتر ومن قائل لا يشفع وتره فإن الوتر لا ينقلب شفعا بهذه الركعة التي يشفعه بها والتنفل بركعة واحدة غير الوتر غير مشروعة فهو شرع لم يأذن به الله والوتر مختلف فيه بين سنة مؤكدة ووجوب وأين النفل من السنن المؤكدة أو الصلاة الواجبة والحكم هنا للشرع وقد قال صلى الله عليه وسلم لا وتران في ليلة ومن راعى المعنى المعقول قال إن هذه الركعة الواحدة تشفع تلك الركعة الوترية واتباع الشرع أولى في ذلك بلا شك (اعتبار هذا الفصل) الوتر لا يتكرر فإن الحضرة الإلهية لا تقتضي التكرار لما هي عليه من الاتساع والله واسع عليم ولما كان العلم صفة إحاطته قرن معه السعة واشتق له اسما منها كما اشتق من العلم فاعلم ذلك فلا وتران في ليلة فأحدية الحق لا تشفعها أحدية كل مخلوق فإنه لكل شئ أحدية لا بد من ذلك وبأحديته عرف كل شئ أحدية خالقه وهي الآية التي لله في كل شئ الدالة على أحديته وهو الذي أشار إليه القائل بقوله وهو أبو العتاهية وفي كل شئ له آية تدل على أنه واحد ولا يكون لشئ أحديتان فلا يشفع وتره من قام يصلي ممن نام على وتر ومن راعى أحدية الألوهة وأضافها إلى أحدية الذات الموصوفة بالألوهة فإن أحدية المرتبة لا تعقل إلا مع أحدية صاحب المرتبة قال من قام من الليل يريد الصلاة وكان قد نام على وتر يضيف إلى تلك الركعة التي نام عليها وهي التي أوتر بها ركعة عند قيامه يشفعها به ثم يصلي بعد تلك الركعة ما يشاء مثنى مثنى فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة فكل قائل من العلماء له اعتبار خاص يسوع له فيما ذهب إليه من ذلك (وصل في فصل ركعتي الفجر) ركعتا الفجر قبل صلاة فرض الصبح بمنزلة الركعتين قبل صلاة فرض المغرب فإن الصحابة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا سمعوا أذان المغرب تبادروا إلى صلاة هاتين الركعتين قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم بحديث عبد الله بن مغفل ذكره مسلم في صحيحة وكان يخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراهم ولا ينكر عليهم وقد قال صلى الله عليه وسلم بين كل أذانين صلاة يريد الأذان والإقامة فإنها أذان بلا شك ولا يحافظ على الركعتين قبل المغرب إلا من استبرأ لدينه إلا أن تعجله الإقامة فإنه إذا كانت الإقامة فلا صلاة إلا التي أقيم لها وهي سنة متروكة مغفول
(٤٩١)