الخفية بأوصاف البشرية من الفرح بهم والضحك لهم والتبشش لقدومهم عليه يريدون مناجاته في بيته يا عبدي يا عبدي إن شردت عني دعوتك إلي بالحال وهو عبارة عن دخول وقت الصلاة بالقول وهو عبارة عن الأذان يا عبدي وإن عصيتني سترت عليك بأن سترتك عن أعين من وليته إقامة حدودي فيك وفي أمثالك فلم أؤاخذك وتحببت إليك بالنعم وجررت على خطيئتك ذيل الكرم فمحا آثارها كرمي ودعتك إلي بالقدوم على نعمي فإن رجعت إلى قبلتك على ما كان منك من يفعل معك ذلك مع غناه عنك وفقرك إليه غيري فهذا من الحق بمنزلة الركوع من العبد فإذا فات المصلي أن يدرك من الحق مثل هذا كما فاته أن يسمع قول الحق في صلاته حمدني عبدي وأثنى على عبدي ومجدني عبدي وفوض إلى عبدي بسمعه لا بإيمانه وتملق العبد لمولاه وتحبب إليه وعرف أنه ما نزل إليه سبحانه هذا النزول إلا لسر خفي أبطنه فيه فينزهه العبد عن كل ما نزل فيه إليه بأن يقول سبحانك ليس كمثلك شئ ولهذا أمر العبد بالتنزيه في الركوع ليقابل بذلك نزول الحق إليه بمثل ما ذكرناه من كونه سبحانه يصلي علينا فينزلنا في صلاته علينا على ثلاث مراتب المرتبة الواحدة أن يجعلنا في صلاته علينا كالوطاء الذي نصلي عليه والثانية أن يصلي علينا صلاتنا على الجنازة والثالثة كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولكل نوع طائفة معينة لها حال معين فإنه سبحانه قد ذكر أنه يصلي علينا فقال هو الذي يصلي عليكم وملائكته كما قال فجمع بينه وبين ملائكته في الصلاة على نبيه فقال هو الذي يصلي عليكم وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا بصلاتنا عليه صلوا عليه وقد أمره بالجزاء فقال وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم فما أعجب القرآن لمن تدبر آياته وتذكر فينبغي للعبد أن يكون بين يدي الحق عند صلاته عليه كالجنازة ميتا لا حراك له ولا دعوى وهو في قبلة ربه فإن وافق ركوع العبد نزول الحق إليه بمثل قوله قل كل يعمل على شاكلته فقد أدرك الركعة ومن لم يقابل نزول الحق بركوعه عند هذا النزول الإلهي بالاسم الكريم إليه فما أدرك الركعة لغوية كانت أو شرعية فإن اعتباره في إدراكه قائما قبل أن يركع يعني قبل أن ينحني فهو قيامه بمصالح عباده ونظره لهم في قيامه بهم فإنه القائم على كل نفس بما كسبت بعين الرحمة فيرزقهم ويحسن إليهم وهم به مشركون وكافرون وقل عن الأدباء ما شئت ويدعوهم وهم عنه معرضون وعلى هواهم الذي اتخذوه إلها مقبلون وكذلك في السجود في مذهب من يرى الركعة المعتبرة للشرع أنها القيام من قيامه والانحناء من حنوه على عباده باسمه الحنان بما ذكرناه والسجود الإلهي وهو أعظم النزول الإلهي الذي أنزل الحق فيه نفسه منزلة عبده وهو قوله مرضت فلم تعدني وجعت فلم تطعمني وظمئت فلم تسقني وأكثر من هذا النزول الإلهي فلا يكون ثم فسر ذلك بأن فلانا مرض وفلانا جاع وفلانا ظمئ فأنزل نفسه منازلهم في أحوالهم وأضاف ذلك إليه في كنايته عن نفسه بهذه الأحوال فمن أدرك ذلك كله من الحق في صلاته فقد أدرك الركعة الإلهية من حيث إن الحق إمامه فيقابله العبد بما يستحق هذا الإنعام الإلهي من الشكر بالثناء بأوصاف السلب والتنزيه والكبرياء والعلو والعظمة والجبروت فهذه هي الركعة المشروعة والخلاف في هذه المسألة يؤول إلى اختلاف العلماء في الأخذ ببعض دلالة الأسماء أو بكلها فقد يسمى بعض الركعة ركعة كما يسمى كلها بجميع أجزائها ركعة كما يقال في أمر النبي صلى الله عليه وسلم في غسل الذكر فمن غسل رأس ذكره أجزأه فإنه ينطلق عليه اسم الذكر فيقال في اللسان فيمن غسل رأس ذكره إنه غسل ذكره وإن لم يعمه كغسل اسم اليد (وصل في فصل مما يتعلق بهذا الباب) إذا سها المأموم عن اتباع الإمام في الركوع حتى يسجد فقال قوم إذا فاته إدراك الركوع معه فقد فاتته الركعة ووجب عليه قضاؤها وقال قوم يعتد بالركعة إذا أمكنه أن يتم من الركوع قبل أن يقوم الإمام إلى الركعة الثانية وقال قوم يتبعه ويعتد بالركعة ما لم يرفع الإمام رأسه من الانحناء من الركعة الثانية وهذه الأقوال المختلفة تنبني عندي على مفهومهم من قوله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه الحديث فهل من شرط المأموم أن يقارن فعله فعل الإمام أو ليس من شرطه وهل هذا شرط في جميع أجزاء الركعة المشروعة الثلاثة وهو القيام والانحناء والسجود أم
(٤٨١)