وتنبيها ليقول كرمك ولقد سمعت شيخنا الشنختة يقول يوما وهو يبكي يا قوم لا تفعلوا بكرمه أخرجنا ولم نكن شيئا وعلمنا ما لم نكن نعلم وامتن علينا ابتداء بالإيمان به وبكتبه ورسله ونحن لا نعقل افتراه يعذبنا بعد أن عقلنا وآمنا حاشى كرمه سبحانه من ذلك فأبكاني بكاء فرح وبكى الحاضرون ثم نرجع ونقول فيقول الحق في ذلك النداء أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فيؤتى بهم إلى الجنة ثم يسمعون من قبل الحق نداء ثانيا لا أدري هل ذلك نداء الحق بنفسه أو نداء عن أمر الحق أين الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله وتلك الزيادة كما قلنا من جنات الاختصاص فيؤمر بهم إلى الجنة ثم يسمعون نداء ثالثا لا أدري هل هو نداء الحق بنفسه أو نداء عن أمر الحق يا أهل الموقف ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم أين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ليجزي الصادقين بصدقهم فيؤمر بهم إلى الجنة فبعد هذا النداء يخرج عنق من النار فإذا أشرف على الخلائق وله عينان ولسان فصيح يقول يا أهل الموقف إني وكلت منكم بثلاث كما كان النداء الأول ثلاث مرات لثلاث طوائف من أهل السعادة وهذا كله قبل الحساب والناس وقوف قد ألجمهم العرق واشتد الخوف وتصدعت القلوب لهول المطلع فيقول ذلك العنق المستشرف من النار عليهم إني وكلت بكل جبار عنيد فيلقطهم من بين الصفوف كما يلقط الطائر حب السمسم فإذا لم يترك أحدا منهم في الموقف نادى نداء ثانيا يا أهل الموقف إني وكلت بمن آذى الله ورسوله فيلقطهم كما يلقط الطائر حب السمسم من بين الخلائق فإذا لم يترك منهم أحد نادى ثالثة يا أهل الموقف إني وكلت بمن ذهب يخلق كخلق الله فيلقط أهل التصاوير وهم الذين يصورون صورا في الكنائس لتعبد تلك الصور والذين يصورون الأصنام وهو قوله تعالى أتعبدون ما تنحتون فكانوا ينحتون لهم الأخشاب والأحجار ليعبدوها من دون الله فهؤلاء هم المصورون فيلقطهم من بين الصفوف كما يلقط الطير حب السمسم فإذا أخذهم الله عن آخرهم بقي الناس وفيهم المصورون الذين لا يقصدون بتصويرهم ما قصدها أولئك من عباداتها حتى يسألوا عنها لينفخوا فيها أرواحا تحيا بها وليسوا بنافخين كما ورد في الخبر في المصورين فيقفون ما شاء الله ينتظرون ما فعل الله بهم والعرق قد ألجمهم فحدثنا شيخنا القصار بمكة سنة تسع وتسعين وخمسمائة تجاه الركن اليماني من الكعبة المعظمة وهو يونس ابن يحيى بن الحسين بن أبي البركات الهاشمي العباسي من لفظه وأنا أسمع قال حدثنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي قال حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر المعروف بابن الخياط المغربي قال قرئ على أبي سهل محمود بن عمر بن إسحاق العكبري وأنا أسمع قيل له حدثكم رضي الله عنكم أبو بكر محمد بن الحسن النقاش فقال نعم حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الطبري المزوري قال حدثنا محمد بن حميد الرازي أبو عبد الله قال حدثنا سلمة بن صالح قال أنا القاسم بن الحكم عن سلام الطويل عن غياث بن المسيب عن عبد الرحمن بن غنم وزيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود قال كنت جالسا عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعنده عبد الله بن عباس رضي الله عنه وحوله عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في القيامة لخمسين موقفا كل موقف منها ألف سنة فأول موقف إذا خرج الناس من قبورهم يقومون على أبواب قبورهم ألف سنة عراة حفاة جياعا عطاشا فمن خرج من قبره مؤمنا بربه مؤمنا بنبيه مؤمنا بجنته وناره مؤمنا بالبعث والقيامة مؤمنا بالقضاء والقدر خيره وشره مصدقا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه نجا وفاز وغنم وسعد ومن شك في شئ من هذا بقي في جوعه وعطشه وغمه وكربه ألف سنة حتى يقضي الله فيه بما يشاء ثم يساقون من ذلك المقام إلى المحشر فيقفون على أرجلهم ألف عام في سرادقات النيران في حر الشمس والنار عن أيمانهم والنار عن شمائلهم والنار من بين أيديهم والنار من خلفهم والشمس من فوق رؤوسهم ولا ظل إلا ظل العرش فمن لقي الله تبارك وتعالى شاهدا له بالإخلاص مقرا بنبيه صلى الله عليه وسلم بريئا من الشرك ومن السحر وبريئا من إهراق دماء المسلمين ناصحا لله ولرسوله محبا لمن أطاع الله ورسوله مبغضا لمن عصى الله ورسوله استظل تحت ظل عرش
(٣٠٩)