(وصل في فصل صوم المرأة التطوع وزوجها حاضر) ذكر مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه الحديث الاتفاق على وجوب صوم رمضان ولهذا زاد أبو داود في هذا الحديث غير رمضان فاعلم إن المرأة هي النفس المؤمنة وبعلها المتحكم فيها إنما هو إيمانها بالشرع لا الشرع ثم الشارع يشرع لإيمانها به ما شاء أن يشرع فلا تدخل في فعل ولا تشرع في عمل إلا بإذنه أي بحكمه وقليل من عباد الله من يفعل هذا فتلحظ حكم الشرع في جميع أفعاله عند الشروع في الفعل فلو أنهم فعلوا ذلك كان خيرا لهم ولهذا يفوتهم خير كثير وعلم كبير (وصل في فصل صوم المسافر) ثبت في الصحيحين مسلم والبخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من البر أن تصوموا في السفر لفظة من في هذا الحديث من رواية البخاري فإن حديث مسلم ليس البر بغير من سمي السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال لما فيه من المشقة والجهد لأهل الثروة واليسار فكيف حال الضعفاء فمن أسفر له عمله عن عامله صار عن صومه بمعزل وتركه للعامل فلا يدعيه مع أنه صائم وهذا هو الصوم الذي لا يشوبه رياء عنده فإنه ليس من البر أو ليس البر أن يدعي الإنسان فيما يعلم أنه ليس له أنه له ولو كان بربه متحققا وهذه إشارة فقف عندها فقد طال الكلام في هذا الباب (وصل في فصل في عدد أيام الوجوب في الصوم) عدد أيام الوجوب في الصوم مائتا يوم وستة وعشرون يوما والنذر لا ينضبط فنحصره وغايته سنة ينقص منها ستة أيام أو ثلاثة أيام من أجل من يحرم صوم أيام التشريق أو يومين وهو موضع الاتفاق يوم الأضحى ويوم الفطر وأقل النذر في الصوم يوم واحد فإن نظرت إلى أقله قلت سبعة وعشرون يوما ومائتان وما عدا هذا العدد فليس بواجب منها لمن جامع في رمضان والظهار وقتل الخطاء ستون ستون ستون ومنها رمضان ثلاثون ومنها للفداء في الحج ثلاثة ولليمين ثلاثة وللتمتع عشرة وللنذر واحد على الأقل ومنها ما هو واجب مخير وموسع ومعين بالزمان مضيق فاعلم أنه لو لم يكن بين الصوم وبين هذه الأفعال التي أوجبته أو الأفعال التي يكون عوضا عنها مناسبة ما صح أن يقوم مقامها وذلك من كل صوم يكون كفارة وهو قولنا الواجب المخير فمنه ما يحل به ما كان حرم عليه ومنه ما يسقط به حق الله عليه ومنه ما يسقط به حق الله وحق الغير عليه وقيل لي لما عرفت بهذه الأيام ووجوبها قد وكلناك إلى نفسك في استخراج هذه المناسبات وما أنت وحدك بل كل من عرف بها حتى علمها حجر عليه إن يعلم بها إذا علمها بأي طريق فهذا منعني من إيضاح هذه المناسبات فالوقوف عند الأوامر الإلهية والإشارات الربانية على أهل هذه الطريق واجب (وصل في فصل السواك للصائم) ثبت في الحسان عن عامر بن ربيعة أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي تسوك وهو صائم فمن قائل به مطلقا في سائر اليوم وبه أقول ومن قائل بكراهيته له من بعد الظهر فمن راعى حكم الخلوف كرهه وهو ناقص النظر في ذلك فإنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السواك مطهرة للفم ومرضاة للرب فهو طاهر مطهر يرضي الرب وينظف الأسنان من القلح والصفرة التي تطلع عليها فإن البزار روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه ما لكم تدخلون علي قلحا استاكوا فذكر ما هو حظ البصر وما تعرض للشم والخلوف لا يزيله السواك فإنه تغير في المعدة يظهره التنفس فصاحب هذا النظر والذي يقول استنوق الجمل سواء وإذا كان الخلوف من الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك فيوم القيامة تتغير رائحته برائحة المسك فما هو هناك خلوف وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حق الصائم نهى عن التسوك في حال صومه أصلا ولا كراهة بل هو أمر مندوب إليه مرغب فيه مطلقا من غير تقييد بزمان ولا حال وهو أقرب إلى الوجوب منه إلى الندب مما أكد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هذا الخبر جبر القلب الصائم لما ظهرت من فيه رائحة يتأذى منها جليسه إذا كان غير مؤمن وأما المتحلي بالإيمان حاشاه
(٦٥٣)