فإنه قال عن نفسه إنه يصلي علينا فكانت الركعتان في الرباعية لهذا ولما أراد أن يفصل بين الشيئيتين الأوليين والأخريين ليتميزا فصل بينهما بالجلسة وهذا هو العارض الذي عرض له حتى جلس فإن فاته سجد له ولم يأت به كما يأتي بالركن إذا فاته وأما وقوع الجلوس بعد الثنتين في المغرب فلأمر آخر خلاف هذا وما هي بجلسة وسطي لأنه ليس بعدها ركعتان فهي في الثلثين وفي الرباعية في النصف وذلك أن ينبه بأن الشيئين إذا تألفا كانا شيئا واحدا فذلك الواحد هو عين الركعة الثالثة من المغرب يشير بأن هاتين الركعتين المقسمتين بين عبد ورب هي في المعنى واحدة لأن المعنى الواحد يتضمن الثاني من جميع وجوهه وليس الآخر كذلك لأن الآخر يتضمنه من وجه ولا يتضمنه من وجه فمن الوجه الذي يتضمنه ظهرت للرباعية ركعتان بعد الجلسة الوسطى الركعة الواحدة للواحد لتضمنه معنى الآخر والأخرى للآخر لتضمنه معنى الأول ويبقى الوجه الواحد الذي لا أخ له بمنزلة الوتر الذي زادنا الله إلى صلاتنا وهو ركعة واحدة لا ثاني لها وهو الوجه الذي ينفرد به الحق عنا من حيث ذاته وصورة ذلك في المعارف أن العبد يطلب الواجب الوجود لنفسه لأنه ممكن فلا بد له من مرجح فالعبد يتضمن الرب بوجوده بلا شك فركعة المغرب اكتفى بها لأنها تتضمن الثانية ووجود الواجب لنفسه له وجه لتضمن الممكن وهو وجه كونه إلها قادرا مريدا فقد تكون ركعة المغرب إلهية من هذا الوجه وله سبحانه وجه أيضا إلى نفسه لا يتضمن وجود الممكن جملة واحدة وهو الغني الذي له على الإطلاق فهو بالنظر إليه سبحانه لا يلزم من النظر فيه من حكم ذاته وجود العالم ولا بد إلا أن ننظر فيه من حيث ما يطلبه الممكن فتظهر النسب عند ذلك وكونه قادرا فيطلب المقدور ومريدا فيطلب المراد فالوتر المفروض المراد له هو الوجه الذي للحق من حيث ما لا يطلب الأكوان ولا تطلبه الأكوان إذا لم ننظر في ذواتها قال الله عز وجل والله غني عن العالمين والعالمون هنا هو الدلالات على الله فهو يقول في هذه الآية إنه غني عن الدلالات عليه فرفع إن يكون بينه وبين العالم نسبة ووجه يربطه بالعالم من حيث ذلك الوجه الذي هو منه غني عن العالمين وهو الذي تسميه أهل النظر وجه الدليل يقول الحق ما ثم دليل علي فيكون له وجه يربطني به فأكون مقيدا به وأنا الغني العزيز الذي لا تقيدني الوجوه ولا تدل على أدلة المحدثات فدليل الحق على الحق وجود الحق في عين وجود الممكن للممكن من حيث ما هو وجوده وجود عين الحق لا من حيث إنه موجود عن الحق أو مفتقر إلى الحق فإن الممكن لا يفتقر إلا لأمر ممكن يعني أنه يمكن أن يحصل له ويمكن أن لا يحصل والافتقار إلى الممكن من الممكن محال والافتقار إلى الواجب بنفسه من الممكن في غير ممكن محال فلا افتقار لممكن ولا لواجب أصلا فالواجب الوجود غني على الإطلاق والممكن ليس بفقير لممكن على الإطلاق ولا لغير ممكن فإن تحصيل ما ليس بممكن لممكن محال فالحق لا يحصل منه في العبد شئ ولا للعبد منه شئ فالظاهر من الممكنات وأعيانها وجود الحق والممكنات باقية على أصلها من الإمكان لا تبرح أبدا فمعنى الاستفادة هي دلالة الحق بوجوده عليها لا دلالتها عليه فإنها لا تدل عليه أبدا فالناظر في هذه المسألة يتوهم أن الكون دليل على الله لكونه ينظر في نفسه فيستدل وما علم إن كونه ينظر راجع إلى حكم كونه متصفا بالوجود فالوجود هو الناظر وهو الحق فلو لم تتصف ذاته بالوجود فبما ذا كان ينظر فما نظر إلا الحق في الحق فانتج له الحق نفسه فقال عرفت الله بالله وهو مذهب الجماعة إذا ضربت الواحد في الواحد كان الخارج واحدا فافهم (فصل بل وصل في التكتيف في الصلاة) اختلف العلماء في وضع إحدى اليدين على الأخرى في الصلاة فكرهها قوم في الفرض وأجازها في النفل ورأى قوم أنها من سنن الصلاة وهذا الفعل مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى في صفة صلاته أيضا أنه لم يفعل ذلك وقد ثبت أيضا أن الناس كانوا يؤمرون بذلك (اعتبار ذلك عند أهل الله) تختلف أحوال المصلي بين يدي ربه عز وجل في قيامه بحسب اختلاف ما يناجيه به فإن اقتضى ما يناجيه به التكتيف تكتف وإن اقتضى السدل وهو إرسال اليدين أرسلهما كما أنه إذا اقتضت الآية الاستغفار استغفر وإذا اقتضت الدعاء سأل وإذا اقتضت تعظيم الجناب العالي عظم وإذا اقتضت السرور سر وإذا اقتضت الخشوع خشع فهو بحسب
(٤٣٩)