ذلك في النوافل ورسول الله صلى الله عليه وسلم ما أوتر قط إلا عن شفع نافلة غير أن قوله إن صلاة المغرب وتر صلاة النهار وشرع الوتر لوترية صلاة الليل وصلاة النهار منها فرض ونفل وعلمنا أن النعل قد لا يصليه واحد من الناس كضمام بن ثعلبة السعدي فقد أوتر له صلاة المغرب الصلوات المفروضة في النهار فقد يكون الوتر يوتر له صلاة العشاء الآخرة إذا أوتر بواحدة أو بأكثر من واحدة ما لم يجلس فإن النفل لا يقوى قوة الفرض فإن الفرض بقوته أوتر صلاة النهار وإن كانت صلاة المغرب ثلاث ركعات يجلس فيها من ركعتين ويقوم إلى ثالثة وقد ورد النهي عن أن يتشبه في وتر الليل بصلاة المغرب لئلا يقع اللبس بين الفرائض والنوافل فمن أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع وأراد أن يوتر الفرض فلا يجلس إلا في آخر صلاته حتى لا يشتبه بالصلاة المفروضة فإذا لم يجلس قامت في القوة مقام وترية المغرب وإن كان فيه جلوس لقوة الفرضية فيتقوى الوتر إذا كان أكثر من ركعة إذا لم يجلس بقوة الأحدية (وصل في فصل وقت الوتر) فمن وقته متفق عليه وهو من بعد صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر ومنه مختلف فيه على خمسة أقوال فمن قائل يجوز بعد الفجر ومن قائل بجوازه ما لم تصل الصبح ومن قائل يصلي بعد الصبح ومن قائل يصلي وإن طلعت الشمس ومن قائل يصلي من الليلة القابلة هذه الأقوال حكاها أبو بكر بن إبراهيم بن المنذر في كتاب الأشراف في الخلاف والذي أقول إنه يجوز بعد طلوع الشمس وهو قول أبي ثور والأوزاعي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل المغرب وتر صلاة النهار مع كونه لا يصلي إلا بعد غروب الشمس فكذلك صلاة الوتر وإن تركها الإنسان من الليل فإنه تارك للسنة فإن صلاها بعد طلوع الشمس فإنها توتر له صلاة الليل وإن وقعت بالنهار كما أوترت صلاة المغرب صلاة النهار وإن كانت وقعت بالليل (وصل الاعتبار) الوتر لا يقيد بالأوقات وإن ظهر في الأوقات إذ لو تقيد لم يصح له الانفراد فإن القيد ضد الإطلاق لا سيما وقد بينا لك فيما ذكرناه في هذا الكتاب وفي كتاب الزمان إن الوقت أمر عدمي لا وجود له والوتر أمر محقق وجودي وكيف يتقيد الأمر الوجودي بالأمر العدمي حتى يؤثر فيه هذا التأثير ونسبة التأثير إلى الأمر الوجودي أحق وأولى عند كل عاقل وإذا لم يقيد الوقت الوتر فليوتر متى شاء ومثابرته على إيقاعه قبل الفجر أولى فإنه السنة والاتباع في العبادات أولى وإنما هذا الكلام الذي أوردناه هو على ما تعطيه الحقائق في الاعتبارات فافهم كما أنه إذا اعتبرنا في الوتر الذحل مما وقع من وتر صلاة المغرب من كونها عبادة فطلب الثار لا يتقيد بالوقت وإنما أمره مهما ظفر بمن يطلبه أخذ ثاره منه من غير تقييد بوقت فعلى كل وجه من الاعتبارات لا يتقيد بالوقت (وصل في فصل القنوت في الوتر) قد تقدم الكلام في شرح ألفاظ قنوت الوتر في فصل القنوت من هذا الباب واختلف الناس فيه فمن قائل يقنت في الوتر ومن قائل بالمنع ومن قائل بالجواز في نصف رمضان الأول ومن قائل في نصف رمضان الآخر ومن قائل بجوازه في رمضان كله وعندي أن كل ذلك جائز فمن فعل من ذلك ما فعل فله حجة ليس هذا موضعها (وصل في الاعتبار) الوتر لما لم يصح إلا أن يكون عن شفع إما مفروض أو مسنون لم يقو قوة توحيد الأحدية الذاتية التي لا تكون نتيجة عن شفع ولا تتولد في نفس العارف عن نظر مثل من عرف نفسه عرف ربه فهذه معرفة الوترية لا معرفة الأحدية الذاتية والقنوت دعاء وتضرع وابتهال وهو ما يحمله الوتر من أثر الشفع المقدم عليه الذي هو هذه المعرفة الوترية نتيجة عنه فتعين الدعاء من الوتر ولهذا دعا الحق عباده وقال فليستجيبوا لي وقال والله يدعو إلى الجنة والمغفرة وقال والله يدعو إلى دار السلام فوصف نفسه بالدعاء وهو الوتر سبحانه فاقتضى الوتر القنوت فإذا أوتر العبد ينبغي له أن يقنت ولا سيما في رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى فتأكد الدعاء في وتر رمضان أكثر من غيره من الشهور فاعلم (وصل في فصل صلاة الوتر على الراحلة) فمنهم من منع من ذلك لكونه يراه واجبا فيلحقه بالفرض قياسا وموضع الاتفاق بين الأئمة أن الفرض لا يجوز على الراحلة وأكثر الناس على إجازة صلاة الوتر على الراحلة لثبوت الأثر في ذلك وبه أقول (وصل في الاعتبار في هذا
(٤٩٠)