بجمعه بين الضدين يعني في وصفه ثم تلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن وكان بساقي دمل كنت أتألم منه من شدة وجعه فغلب علي في تلك الحال شهوده سبحانه فقلت رأيته في دملى * فقلت داء معضل لا راحة ترجى ولا * ضر فقل ما أعمل فقيل لي سلم فقلت نعم المعلم * فسلمت وما تكلمت رأيت هذي الواقعة * لكل علم جامعة فما رأيت مثلها * من العلوم النافعة وخوطبت في سرى فيها بأمور لا يمكنني إذاعتها ولا تلتبس علي بضاعتها غير أن التجلي للبشر لا يكون إلا بالصور والعمل الإلهي في البصر عند تعلق النظر وقد عرفت فالزم (حديث ثالث وثلاثون شهادة الحجر يوم القيامة) ذكر الترمذي عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر والله ليبعثنه الله يوم القيامة وله عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق هذا من أعجب ما في القرآن أن يكون على بمعنى اللام قال تعالى وما ذبح على النصب أي للنصب لأن الشهادة عليك إنما هي بما لا ترتضيه لأن المشهود عليه لو اعترف ما شهد عليه ولا ينكر إلا ما يتوقع من الاعتراف به الضرر فعلى عندنا هنا على بابها وهكذا كل أداة على بابها لا يعدل بها إلى خلاف ما وضعت له بالأصالة إلا بقرينة حال وكذلك فعل من أخرج هنا على عن بابها وجعلها بمعنى اللام جعل قرينة الحال أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أراد بهذا القول إلا تعظيم استلامه في حقنا وأن الخير العظيم لنا في ذلك إذا استلمناه إيمانا وهو قوله بحق عندهم يعني بحق مشروع لأنه يمين الله المنصوب للتقبيل والاستلام في استلام كل أمة لها هذا الايمان ولذلك نكر قوله بحق ولم يجئ به معرفا قال تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا فجاء بالنكير فالشرائع كلها حق فمن استلمه بحق أي حق كان في أي ملة كان دخل تحت هذا الحكم من الشهادة الحجرية بالإيمان وأما من ترك على على بابها وهو الأولى فإن الحق هنا وإن كان نكرة فهو في المعنى معرفة وإنما نكر لسريانه في كل شئ فما من شئ موجود أو متصف بالوجود إلا والحق يصحبه كما قال وهو معكم أينما كنتم فأينما كنا كان الحق معنا كينونية وجودية منزهة كما يليق به وكنا أمر وجودي فالباطل عدم والحق وجود ولما جعل الحجر يمين الله ومحل الاستلام والتقبيل انبغي لنا أن نقبله بعبوديتنا ولا نحضر عند التقبيل كون الحق سمعنا وبصرنا والعامل منا فإنا إذا كان مشهدنا هذا فيكون الحق مستلما يمينه ولا يستلم إلا باليمين واليمين هو الحجر والشئ لا يستلم نفسه وقد اختار آدم عليه السلام يمين ربه مع علمه بأن كلتي يدي ربه يمين مباركة ومع هذا عدل إلى اختيار اليمين فلما أراد العبد أن يجتني يوم القيامة ثمرة غرس الاستلام فقال له ما استلمت وإنما الحق استلم يده بيده ثم جئ بالحجر فقيل له تعرف هذا فيقول نعم فيقال له بم تشهد في استلامه إياك فيقول استلمني بك لا بعبوديته فيقال للعبد قد علمت بهذه الشهادة أن الاستلام ما كان بك وإنما كان بالحق فتكون عند ذلك الشهادة على الإنسان لا للإنسان فلا يبقى له ما يطلبه فأخبرنا الشارع بما هو الأمر عليه لنستلمه عبودية واضطرارا مكلفين بذلك تعبدا محضا كما فعل عمر بن الخطاب فإن قلت فقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة الرضوان نفسه بنفسه وجعل يده على يده وأخذ يده بيده وقال هذا عن عثمان وكان عثمان غائبا في تلك البيعة وكذلك العبد إذا استلمه بحق يكون الحق يستلم يمينه بيده فإن كلتي يديه يمين ويكون ذلك الاستلام عن هذا العبد الذي استلمه بحق فيجني ثمرته إذ قال هذا عن عثمان ويكون عذر هذا العبد كون مشهد الحال غلب عليه سلطانه حيث لم يشاهد إلا الله في أعيان كل شئ من الموجودات قلنا الفرق بين المسألتين أن المناسبة بين المثلين صحيحة والجامع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين عثمان الإنسانية وهي حقيقة النشأة والعبودية فجازت النيابة وأن يقوم كل واحد مقام الآخر والفرق الثاني أن اليد التي بايعوها هي يد الله فبايعوها بأيديهم وهنا المستلم يمين الله والمستلم يد الله أيضا ولا مناسبة
(٧٥٢)