تعالى وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه والله يرشدنا وإياكم إلى ما فيه صلاحنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة إنه ولي كريم (وصل) الألف من ألم إشارة إلى التوحيد والميم للملك الذي لا يهلك واللام بينهما واسطة لتكون رابطة بينهما فانظر إلى السطر الذي يقع عليه الخط من اللام فتجد الألف إليه ينتهي أصلها وتجد الميم منه يبتدئ نشوها ثم تنزل من أحسن تقويم وهو السطر إلى أسفل سافلين منتهى تعريق الميم قال تعالى خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين ونزول الألف إلى السطر مثل قوله ينزل ربنا إلى السماء الدنيا وهو أول عالم التركيب لأنه سماء آدم ع ويليه فلك النار فلذلك نزل إلى أول السطر فإنه نزل من مقام الأحدية إلى مقام إيجاد الخليقة نزول تقديس وتنزيه لا نزول تمثيل وتشبيه وكانت اللام واسطة وهي نائبة مناب المكون والكون فهي القدرة التي عنها وجد العالم فأشبهت الألف في النزول إلى أول السطر ولما كانت ممتزجة من المكون والكون فإنه لا يتصف بالقدرة على نفسه وإنما هو قادر على خلقه فكان وجه القدرة مصروفا إلى الخلق ولهذا لا يثبت للخالق إلا بالخلق فلا بد من تعلقها بهم علوا وسفلا ولما كانت حقيقتها لا تتم بالوصول إلى السطر فتكون والألف على مرتبة واحدة طلبت بحقيقتها النزول تحت السطر أو على السطر كما نزل الميم فنزلت إلى إيجاد الميم ولم يتمكن أن تنزل على صورة الميم فكان لا يوجد عنها أبدا إلا الميم فنزلت نصف دائرة حتى بلغت إلى السطر من غير الجهة التي نزلت منها فصارت نصف فلك محسوس يطلب نصف فلك معقول فكان منهما فلك دائر فتكون العالم كله من أوله إلى آخره في ستة أيام أجناسا من أول يوم الأحد إلى آخر يوم الجمعة وبقي يوم السبت للانتقالات من حال إلى حال ومن مقام إلى مقام والاستحالات من كون إلى كون ثابت على ذلك لا يزول ولا يتغير ولذلك كان الوالي على هذا اليوم البرد واليبس وهو من الكواكب زحل فصار ألم وحده فلكا محيطا من دار به علم الذات والصفات والأفعال والمفعولات فمن قرأ ألم بهذه الحقيقة والكشف حضر بالكل للكل مع الكل فلا يبقى شئ في ذلك الوقت إلا يشهده لكن منه ما يعلم ومنه ما لا يعلم فتنزه الألف عن قيام الحركات بها يدل أن الصفات لا تعقل إلا بالأفعال كما قال ع كان الله ولا شئ معه وهو على ما عليه كان فلهذا صرفنا الأمر إلى ما يعقل لا إلى ذاته المنزهة فإن الإضافة لا تعقل أبدا إلا بالمتضائفين فإن الأبوة لا تعقل إلا بالأب والابن وجودا وتقديرا وكذلك المالك والخالق والبارئ والمصور وجميع الأسماء التي تطلب العالم بحقائقها وموضع التنبيه من حروف ألم عليها في اتصال اللام الذي هو الصفة بالميم الذي هو أثرها وفعلها فالألف ذات واحدة لا يصح فيها اتصال شئ من الحروف إذا وقعت أولا في الخط فهي الصراط المستقيم الذي سألته النفس في قولها اهدنا الصراط المستقيم صراط التنزيه والتوحيد فلما أمن على دعائها ربها الذي هو الكلمة الذي أمرت بالرجوع إليه في سورة الفجر قبل تعالى تأمينه على دعائها فأظهر الألف من ألم عقيب ولا الضالين وأخفى آمين لأنه غيب من عالم الملكوت من وافق تأمينه تأمين الملائكة في الغيب المتحقق الذي يسمونه العامة من الفقهاء الإخلاص وتسميه الصوفية الحضور وتسميه المحققون الهمة ونسميه أنا وأمثالنا العناية ولما كانت الألف متحدة في عالم الملكوت والشهادة ظهرت فوقع الفرق بين القديم والمحدث فانظر فيما سطرناه تر عجبا ومما يؤيد ما ذكرناه من وجود الصفة المد الموجود في اللام والميم دون الألف فإن قال صوفي وجدنا الألف مخطوطة والنطق بالهمزة دون الألف فلم لا ينطق بالألف فنقول وهذا أيضا مما يعضد ما قلناه فإن الألف لا تقبل الحركة فإن الحرف مجهول ما لم يحرك فإذا حرك ميز بالحركة التي تتعلق به من رفع ونصب وخفض والذات لا تعلم أبدا على ما هي عليه فالألف الدال عليها الذي هو في عالم الحروف خليفة كالإنسان في العالم مجهول أيضا كالذات لا تقبل الحركة فلما لم تقبلها لم يبق إلا أن تعرف من جهة سلب الأوصاف عنها ولما لم يمكن النطق بساكن نطقنا باسم الألف لا بالألف فنطقنا بالهمزة بحركة الفتحة فقامت الهمزة مقام المبدع الأول وحركتها صفته العلمية ومحل إيجاده في اتصال الكاف بالنون فإن قيل وجدنا الألف التي في اللام منطوقا بها ولم نجدها في الألف قلنا صدقت لا يقع النطق بها إلا بمتحرك مشبع التحرك قبلها موصولة به وإنما كلامنا في الألف المقطوعة التي لا يشبع الحرف الذي قبلها حركته فلا يظهر في النطق وإن رقمت مثل ألف إنما المؤمنون فهذان ألفان بين ميم إنما وبين لام
(٦١)