الرحمن ونجا من غمه ومن حاد عن ذلك ووقع في شئ من هذه الذنوب بكلمة واحدة أو تغير قلبه أو شك في شئ من دينه بقي ألف سنة في الحر والهم والعذاب حتى يقضي الله فيه بما يشاء ثم يساق الخلق إلى النور والظلمة فيقيمون في تلك الظلمة ألف عام فمن لقي الله تبارك وتعالى لم يشرك به شيئا ولم يدخل في قلبه شئ من النفاق ولم يشك في شئ من أمر دينه وأعطى الحق من نفسه وقال الحق وأنصف الناس من نفسه وأطاع الله في السر والعلانية ورضي بقضاء الله وقنع بما أعطاه الله خرج من الظلمة إلى النور في مقدار طرفة العين مبيضا وجهه قد نجا من الغموم كلها ومن خالف في شئ منها بقي في الغم والهم ألف سنة ثم خرج منها مسودا وجهه وهو في مشيئة الله يفعل به ما يشاء ثم يساق الخلق إلى سرادقات الحساب وهي عشر سرادقات يقفون في كل سرادق منها ألف سنة فيسأل ابن آدم عند أول سرادق منها عن المحارم فإن لم يكن وقع في شئ منها جاز إلى السرادق الثاني فيسأل عن الأهواء فإن كان نجا منها جاز إلى السرادق الثالث فيسأل عن عقوق الوالدين فإن لم يكن عاقا جاز إلى السرادق الرابع فيسأل عن حقوق من فوض الله إليه أمورهم وعن تعليمهم القرآن وعن أمر دينهم وتأديهم فإن كان قد فعل جاز إلى السرادق الخامس فيسأل عما ملكت يمينه فإن كان محسنا إليهم جاز إلى السرادق السادس فيسأل عن حق قرابته فإن كان قد أدى حقوقهم جاز إلى السرادق السابع فيسأل عن صلة الرحم فإن كان وصولا لرحمه جاز إلى السرادق الثامن فيسأل عن الحسد فإن كان لم يكن حاسدا جاز إلى السرادق التاسع فيسأل عن المكر فإن لم يكن مكر بأحد جاز إلى السرادق العاشر فيسأل عن الخديعة فإن لم يكن خدع أحدا نجا ونزل في ظل عرش الله تعالى قارة عينه فرحا قلبه ضاحكا فوه وإن كان قد وقع في شئ من هذه الخصال بقي في كل موقف منها ألف عام جائعا عطشانا حزنا مغموما مهموما لا ينفعه شفاعة شافع ثم يحشرون إلى أخذ كتبهم بإيمانهم وشمائلهم فيحبسون عند ذلك في خمسة عشر موقفا كل موقف منها ألف سنة فيسألون في أول موقف منها عن الصدقات وما فرض الله عليهم في أموالهم فمن أداها كاملة جاز إلى الموقف الثاني فيسأل عن قول الحق والعفو عن الناس فمن عفا عفا الله عنه وجاز إلى الموقف الثالث فيسأل عن الأمر بالمعروف فإن كان آمرا بالمعروف جاز إلى الموقف الرابع فيسأل عن النهي عن المنكر فإن كان ناهيا عن المنكر جاز إلى الموقف الخامس فيسأل عن حسن الخلق فإن كان حسن الخلق جاز إلى الموقف السادس فيسأل عن الحب في الله والبغض في الله فإن كان محبا في الله مبغضا في الله جاز إلى الموقف السابع فيسأل عن مال الحرام فإن لم يكن أخذ شيئا جاز إلى الموقف الثامن فيسأل عن شرب الخمر فإن لم يكن شرب من الخمر شيئا جاز إلى الموقف التاسع فيسأل عن الفروج الحرام فإن لم يكن أتاها جاز إلى الموقف العاشر فيسأل عن قول الزور فإن لم يكن قاله جاز إلى الموقف الحادي عشر فيسأل عن الايمان الكاذبة فإن لم يكن حلفها جاز إلى الموقف الثاني عشر فيسأل عن أكل الربا فإن لم يكن أكله جاز إلى الموقف الثالث عشر فيسأل عن قذف المحصنات فإن لم يكن قذف المحصنات أو افترى على أحد جاز إلى الموقف الرابع عشر فيسأل عن شهادة الزور فإن لم يكن شهدها جاز إلى الموقف الخامس عشر فيسأل عن البهتان فإن لم يكن بهت مسلما مر فنزل تحت لواء الحمد وأعطى كتابه بيمينه ونجا من غم الكتاب وهو له وحوسب حسابا يسيرا وإن كان قد وقع في شئ من هذه الذنوب ثم خرج من الدنيا غير تائب من ذلك بقي في كل موقف من هذه الخمسة عشر موقفا ألف سنة في الغم والهول والهم والحزن والجوع والعطش حتى يقضي الله عز وجل فيه بما يشاء ثم يقام الناس في قراءة كتبهم ألف عام فمن كان سخيا قد قدم ماله ليوم فقره وحاجته وفاقته قرأ كتابه وهون عليه قراءته وكسي من ثياب الجنة وتوج من تيجان الجنة وأقعد تحت ظل عرش الرحمن آمنا مطمئنا وإن كان بخيلا لم يقدم ماله ليوم فقره وفاقته أعطى كتابه بشماله ويقطع له من مقطعات النيران يقاوم على رؤوس الخلائق ألف عام في الجوع والعطش والعرى والهم والغم والحزن والفضيحة حتى يقضي الله عز وجل فيه بما يشاء ثم يحشر الناس إلى الميزان فيقومون عند الميزان ألف عام فمن رجح ميزانه بحسناته فاز ونجا في طرفة عين ومن خف ميزانه من حسناته وثقلت سيئاته حبس عند الميزان ألف عام في الغم والهم والحزن والعذاب والجوع والعطش حتى يقضي الله فيه بما يشاء ثم يدعي بالخلق إلى الموقف بين يدي الله في اثني عشر موقفا كل موقف منها مقدار ألف عام فيسأل في أول موقف عن عتق الرقاب
(٣١٠)