عن الكمال كملت له من تطوعه فإن زاد التطوع حينئذ يصح اسم النافلة وما شهد الله بها لأحد إلا لرسوله صلى الله عليه وسلم فقال له أمرا ومن الليل فتهجد به نافلة لك وقال تعالى في الخبر الصحيح عنه ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل فسمى ما زاد على الفرائض نوافل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي في تعليم ما بنى عليه الإسلام فذكر الفرائض فقال هل على غيرها قال عليه السلام لا إلا أن تطوع فسمى ما زاد على الفرائض تطوعا فالفرض عبودية اضطرار لأن المعصية تتحقق بفعله أو بتركه وما عداه فعبودية اختيار لكنه مختار في الدخول فيها ابتداء فإذا دخل فيها عندنا لزمته أحكام عبودية الاضطرار ولا بد وليس له أن يخرج عن حكمها حتى يفرع من تلك العبادة ولهذا لما قال له هل على غيرها قال له عليه السلام لا يعني أنه ما فرض الله عليك ابتداء من عنده إلا ما ذكرته لك إلا أن تطوع إلا أن تشرع أنت في أمثالها مما رغبك الحق فيه فإن تطوعت ودخلت فيها وجب عليك الوفاء بها كما وجب في فروض الأعيان فهذا معنى قوله لا إلا أن تطوع فيجب عليك ما أوجبته على نفسك وفي هذا الباب دخل النذر وأمثاله قال تعالى ولا تبطلوا أعمالكم فالوتر لمعرفة الحق في الأشياء كلها وركعتا الفجر للشكر لقيام الليل على ما وفق له وللنائم على قيامه إلى أداء فرض الصبح ودخول المسجد للسلام على الملك في بيته وقيام رمضان لكون رمضان اسما من أسماء الله فوجب القيام لذكر الملك قال يوم يقوم الناس لرب العالمين والكسوف للتجلي الذي يعطي الخشوع سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكسوف فقال ما تجلى الله لشئ إلا خشع له وهو ما يظهر لعين الرائي من التغير في الشمس أو القمر وإن لم يتغيرا في أنفسهما فأبدى الحق لعين الرائي ما في نفس الشمس والقمر في ذلك الزمان من الخشوع لله في صورة ذهاب النور بالحجاب النفسي الطبيعي في كسوف القمر وبالحجاب العلمي في كسوف الشمس والاستسقاء طلب الرحمة والعيدان تكرار التجلي وسجود القرآن الخضوع عند كلام الله ولهذا أمر بالإنصات والاستماع والصلاة على الميت العبد يتخذ الله وكيلا نائبا عنه فيما ملكه إياه شكرا على ما أولاه حين حرم من قيل له وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فأخرجه من أيديهم بغير اختيار منهم قال تعالى والذي خبث لا يخرج إلا نكدا والذين اتخذوا الله وكيلا صاروا أمواتا بين يديه ولهذا أعطاهم صفة التقديس وهي الطهارة فأمرنا بغسل الميت ليجمع بين الطهارتين فإنه في قبلة المصلي عليه بينه وبين الله فهو يناجي الله فيه له فإن المصلي على طهارة والحق هو القدوس وصار الميت بين الله وبين المصلي عليه فلا بد أن يكون طاهرا وطهارته المعنوية لا يشعر بها إلا أهل الكشف فأمر أهل الشرعية في ظاهر الحكم أن يغسل الميت حتى يتيقن من لا كشف له طهارته وسيأتي اعتباره في بابه إن شاء الله تعالى وصلاة الاستخارة وهي تعيين ما اختار الله لهذا العبد فعله أو تركه ليكون على بينة من ربه كما قال تعالى أفمن كان على بينة من ربه فهذه فائدة صلاة الاستخارة وستأتي في بابها إن شاء الله فلنذكر ما شرطناه فصلا فصلا إن شاء الله ليعرف الناس مقاصد العارفين في عباداتهم التي امتازوا بها عن العامة مع مشاركتهم في الأمر العام لجميع المكلفين والله الموفق لا رب غيره (وصل في فصل صلاة الوتر) خرج أبو داود عن أبي أيوب الأنصاري أنه صلى الله عليه وسلم قال الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل وخرج أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بسبع وتسع وخمس والحديث العام بوتره صلى الله عليه وسلم ما خرجه عن عبد الله بن قيس قال قلت لعائشة بكم كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان يوتر بأربع وثلاث وبست وثلاث وبثمان وثلاث وعشر وثلاث ولم يكن يوتر بأنقص من سبع ولا بأكثر من ثلاث عشرة ركعة وخرج النسائي عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة المغرب وتر صلاة النهار فأوتروا صلاة الليل واختلف الناس في الوتر هل هو واجب أو سنة فمن قائل إنه واجب والواجب عند صاحب هذا القول بين الفرض والسنة ومن قائل إنه سنة مؤكدة وقد تقدم الكلام في حكمه وبقي الكلام في صفته ووقته والقنوت فيه وصلاته على الراحلة فلنذكر أو لا من أحاديث الأمر به ما تيسر ليتبين للناظر فيها الوجوب وعدم الوجوب فمن ذلك ما خرجه أبو داود عن خارجة بن حذافة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن
(٤٨٨)