المؤثر على المؤثر فيه بضرب من الوهب فلا يخلو المؤثر فيه أن يكون حاضرا عارفا بخصوص ذلك المؤثر من الأسماء الإلهية فلا يجب عليه الطهر أو لا يكون فيجب عليه الطهر وقد يعطي ذلك المؤثر نومة القلب ثم لا يخلو هذا الاسم الإلهي أن يؤثر علم كون من الأكوان أو علما يتعلق بالله وعلى الحالتين فإن رأى نفسه موطئا ولم يأخذ بالله كالصدقة تقع بيد الرحمن وإن أخذها السائل والله المعطي فيكون سبحانه المعطي والآخذ فلا طهارة عليه في الباطن فإن بالحق تكون طهارة الأشياء فإن غاب عن هذا الشهود ورأى نفسه أنه هو الآخذ ما أنزله الله على قلبه من العلوم وجبت عليه الطهارة من رؤية نفسه وكذلك إذا وطئ غيره بمسألة يعلمه إياها بالحال أو بالقول فإن كان عن حضور فلا طهارة عليه فإنه ما زال على طهارته وإن رأى نفسه في تعليمه غيره بالحال أو بالقول وجبت عليه الطهارة من رؤية نفسه لا بد من ذلك فإن رجال الله في هذه الطريق بالله يتحركون وبه يسكنون عن مشاهدة وكشف وعامتهم عن حضور اعتقاد وإيمان بما ورد بأن الأمر بيده وأن نواصي عباده وكل دابة بيده (باب في الصفة المعتبرة في كون خروج المني موجبا للاغتسال) اختلفت العلماء في الصفة المعتبرة في كون خروج المني موجبا للاغتسال فمن قائل باعتبار اللذة ومن قائل بنفس الخروج سواء كان عن لذة أو بغير لذة (وصل) الاعتبار في هذا الباب اللذة من الملتذ بها إما أن تكون نفسية أو إلهية فإن كانت نفسية طبيعية فقد وجب الغسل وإن كانت غير نفسية فلا يخلو ذلك العلم الذي هو بمنزلة الجنابة إما أن يتعلق بالله أو يتعلق بكون من الأكوان فإن تعلق بالله ولذته غير نفسية فلا طهر عليه وإن تعلق بالأكوان فعليه الطهر سواء التذ أو لم يلتذ ومعنى قولنا اللذة الإلهية أعني لذة الكمال لا لذة الوارد ولذة الكمال في العبد أن يكون عبدا محضا لا يتصف بالغربة عن موطنه في باطنه ولو خلع عليه الحق من صفات السيادة ما شاء من حضرته لا يخرجه ذلك عن موطنه وإذا كان كذلك فما هو ذو جنابة إذ لا غربة عنده فإنه ما برح في موطنه وهو غاية الكمال والطهارة معرفة للنقص (باب في دخول الجنب المسجد) فمن قائل بالمنع بإطلاق ومن قائل بالمنع إلا لعابر فيه غير مقيم ومن قائل بإباحة ذلك للجميع وبه أقول (وصل) الاعتبار في ذلك العارف من كونه عارفا لا يبرح عند الله دائما في الحديث جعلت لي الأرض كلها مسجدا ولا ينفك الجنب أن يكون في الأرض وإذا كان في الأرض فهو في المسجد العام المشروع الذي لا يتقيد بشروط المساجد المعلومة بالعرف ثم إن العارف بل العالم كله علوه وسفله لا تصح في حاله الإقامة له فهو عابر أبدا مع الأنفاس فالعلماء بالله يشاهدون هذا العبور وغير العلماء بالله يتخيلون أنهم مقيمون والوجود على خلاف ذلك فإن الإله الموجد في كل نفس موجد يفعل فلا يعطل نفسا واحدا تتصف منه بالإقامة كما قال كل يوم هو في شأن وقال تعالى سنفرغ لكم أيها الثقلان وقال بيده الميزان يخفض ويرفع ومن قال بالمنع من ذلك غلب عليه رؤية نفسه إنه ليس بمحل طاهر حيث لم يتخلق بالأسماء الإلهية ولو تخلق بها ولم يفن عن تخلقه عنده فما تخلق بها وعندنا إن المتخلق بالأسماء مهما فنى عن تخلقه بها فليس بمتخلق فإن المعنى بكونه متخلقا بها أي تقوم به كما يقوم الخلوق بالمتخلق به وقد يخلقه غيره فيكون عند ذلك مخلقا بالأخلاق الإلهية وذلك أن العبد مأمور والحق لا يأمر نفسه فالتخلق امتثال أمر الله بقوة الله وعونه فمن الأدب أن يرى المتخلق كونه متخلقا مكلفا وإن كان الحق سمعه وبصره أليس الحق قد أثبت عين عبده بالضمير في سمعه وبصره فأين يذهب هذا العبد والعين موجودة وغايته إن يكون صورة في هيولى الوجود المطلق مقيدة وليس له بعد هذا مرتبة إلا العدم والعدم لا يقبل الصورة فافهم انتهى الجزء الثالث والثلاثون (بسم الله الرحمن الرحيم) (باب مس الجنب المصحف) اختلف علماء الشريعة في مس الجنب المصحف فذهب قوم إلى إجازة مس الجنب المصحف ومنع قوم من ذلك
(٣٦٥)