من رائحة شيئا دون المسلمين قبل أن تأخذه القسمة ورعا فسئل عن ذلك فقال إنما ينتفع من هذا بريحة وكذلك الورع في النسب والأسماء فإذا فات السالك وجه من وجوه متعلقات مثل هذا المقام وانتقل إلى غيره من المقامات وقد بقيت عليه بقية من حكم هذا المقام الذي انتقل عنه فإذا تعين عليه استعماله في وقت آخر لحالة تطلبه بذلك من مطعم أو غيره يتذكر ما فاته قبل ذلك منه فمنا من قال عليه الكفارة وكفارته التوبة مما جرى منه في تفريطه والاستغفار ومنا من قال لا كفارة عليه فإنه لم يتعمد ولا قصد انتهاك الحرمة وإنما جعله في ذلك عذر من تأويل في المسألة أو غفلة والإنسان في هذا الطريق مؤاخذ بالغفلات عند بعضهم ولهذا أوجب الكفارة عليه من أوجبها ومن يرى أنه غير مؤاخذ بالغفلات لم يوجب عليه كفارة والقضاء مجمع عليه عند الجميع وصورته إنه إذا نال منه أحد أمرا حرم على المتناول تناوله منه عرضا كان أو مالا أو أثرا بدنيا من جرح أو غيره وله أن يعفو عنه فيما يتناول ذلك منه فيعفو ويحسن ولا يؤاخذ بكل جريمة من الغير في حقه مما يعطي الورع المتعدي في ذلك أن لا يفعله فهذا هو صورة القضاء ثم إنه يستقصي جميع جهات متعلقات ذلك المقام جهده حتى لا يترك منه شيئا فتدبر هذه المسألة فإنها من أنفع المسائل في طريق الله (وصل في فصل من مات وعليه صوم) فمن قائل يصوم عنه وليه ومن قائل لا يصوم أحد عن أحد واختلف أصحاب هذا القول فبعضهم قال يطعم عنه وليه وبعضهم قال لا صيام ولا إطعام إلا أن يوصى به وقال قوم يصوم فإن لم يستطع أطعم وفرق قوم بين النذر والصيام المفروض فقالوا يصوم عنه وليه في النذر ولا يصوم في الصيام المفروض (الاعتبار) قال الله عز وجل والله ولي المؤمنين وقال تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فالمريد صاحب التربية يكون الشيخ قد أهله وخصه بذكر مخصوص لنيل حالة مخصوصة ومقام خاص فمات قبل تحصيله فمنا من يرى أن الشيخ لما كان وليه وقد حال الموت بينه وبين ذلك المقام الذي لو حصل له نال به المنزلة الإلهية التي يستحقها رب ذلك المقام فيشرع الشيخ في العمل الموصل إلى ذلك المقام نيابة عن المريد الذي مات فإذا استوفاه أحضر ذلك الميت إحضار من مثله في خياله بصورته التي كان عليها وألبس تلك الصورة الممثلة ذلك الأمر وسأل الله أن يبقى ذلك عليه فحصلت نفس ذلك الميت في ذلك المقام على أتم وجوهه منة من الله وفضلا والله ذو الفضل العظيم وهذا مذهب شيخنا أبي يعقوب يوسف بن يخلف الكومي وما راضني أحد من مشايخي سواه فانتفعت به في الرياضة وانتفع بنا في مواجيده فكان لي تلميذا وأستاذا وكنت له مثل ذلك وكان الناس يتعجبون من ذلك ولا يعرف واحد منهم سبب ذلك وذلك سنة ست وثمانين وخمسمائة فإنه كان قد تقدم فتحي على رياضتي وهو مقام خطر فأفاء الله علي بتحصيل الرياضة على يد هذا الشيخ جزاه الله عني كل خير ومن أهل الله من يقول لا يقوم أحد عن أحد في العمل ولكن يطلبه له بهمته ودعائه والجماعة على ذلك وهذا الأول نادر الوقوع فهذا اعتبار من يقول لا يصوم أحد عن أحد واعتبار من يقول يصوم عنه وليه ومن قال لا صيام ولا إطعام إلا أن يوصى به فهو أن يقول المريد عند الموت للشيخ اجعلني من همتك واجعل لي نصيبا من عملك عسى الله أن يعطيني ما كان في أملي وهذا إذا فعله المريد كان سوء أدب مع الشيخ حيث استخدمه في حق نفسه وتهمة منه للشيخ في نسيان حق المريد والأصل في ذلك أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسأل ربه في حقه مرافقته في الجنة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أعني على نفسك بكثرة السجود فنبهه بهذا العمل على نفسه وسوء أدبه معه والطريق يقتضي أن الشيخ لا ينسى أهل زمانه فكيف مريده المختص بخدمته فإنه من فتوة أهل هذا الطريق ومعرفتهم بالنفوس أنهم إذا كان يوم القيامة وظهر ما لهم من الجاه عند الله خاف منهم من آذاهم هنا في الدنيا فأول ما يشفعون يوم القيامة فيمن آذاهم قبل المؤاخذة وهذا نص أبي يزيد البسطامي وهو مذهبنا فإن الذين أحسنوا إليهم يكفيهم عين إحسانهم فهم بإحسانهم شفعاء أنفسهم عند الله بما قدموه من الخير في حق هذا الولي وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ومن عفا وأصلح فأجره على الله وذلك للعافين عن الناس بل الولي لا ينسى من يعرف الشيخ وإن كان الشيخ لا يعرفه فيسأل الله تعالى أن يغفر ويعفو عمن سمع بذكره فسبه وذمه أو أثنى عليه خيرا وهذا
(٦١٦)