عمل له هنا في الدنيا (وصل من اعتبار هذا الباب) ومن اعتبار الشخص يتمنى أن لو كان له مال لعمل به برا فيكتب الله له أجر من عمل فإن نيته خير من عمله ويكتب له على أو في حظ وهو في ذمة الغير ليس بيده منه شئ فإذا حصل له ما تمناه من المال أو مما تمناه مما يتمكن له به الوصول إلى عمل ذلك البر وجب عليه أن يعمل ذلك البر الذي نواه فإن لم يفعل لم يكتب له أجر ما نواه فلو مات قبل اكتساب ما تمنى كتب له أجر ما نواه قال تعالى إنما أموالكم وأولادكم فتنة أي هما اختبار لإقامة الحجة في صدق الدعوى أو كذبها (وصل) ومن هذا الباب اختلافهم في زكاة الثمار المحبسة الأصول فمن قائل فيها الزكاة ومن قائل لا زكاة فيها وفرق قوم بين أن تكون محبسة على المساكين فلا يكون فيها زكاة وبين أن تقوم على قوم بأعيانهم فتجب فيها الزكاة وبوجوب الزكاة أقول كانت على من كانت بتعيين أو بغير تعين فإن كانت بتعيين قوم وجب عليهم إخراج الزكاة وإن كانت بغير تعيين وجب على السلطان أخذ الزكاة منها بحكم الوكالة اعتبار الباطن في ذلك الثمر هو عمل الإنسان المكلف والعمل قد يكون مخلصا لله كالصلاة والصيام وأمثالهما وقد يكون فيه حق للغير كالزكاة إلا أنه مشروع مثل أن يعمل الإنسان عملا فيقول هذا لله ولوجوهكم فهو لوجوهكم أو مالي إلا الله وأنت قال النبي صلى الله عليه وسلم من قال هذا الله ولوجوهكم ليس لله منه شئ ثم شرع لمن هذا قوله أن يقول هذا لله ثم لفلان ولا يدخل واو التشريك فهذا العمل فيه لله وهو نظير الزكاة في المال المحبس الأصل وفيه للخلق وهو قوله ثم لفلان بحرف ثم لا بحرف الواو وهو ما يبقى بيد الموقوف عليه من هذا الثمر الزائد على الزكاة فهذا اعتبار من يرى فيه الزكاة ومن يرى أنه لا زكاة فيه أي لا حق لله فيها فاعتباره قول النبي صلى الله عليه وسلم فهو لوجوهكم ليس لله منه شئ أي لا حق فيه لله ومن رأى أن الزكاة حق الفقراء رأى في اعتباره أن زكاة الثمر المحبس الأصل وهو العمل من هذا العبد الذي هو محبس على سيده لا يعتق أبدا يقول إن العمل هو لله بحكم الوقفية وللحور العين وأمثالهم من ذلك العمل نصيب وهو المعبر عنه بالزكاة كما قال بعضهم في حق المجاهدين أبواب عدن مفتحات * والحور منهن مشرفات فاستبقوا أيما استباق * وبادروا أيها الغزاة فبين أيديكمو جنان * فيها حسان منعمات يقلن والخيل سابقات * مهورنا الصبر والثبات فالصبر والثبات من عمل الجهاد بمنزلة الزكاة من الثمر وكونه محبس الأصل هو قوله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فما خلقهم إلا لعبادته فهم موقوفون عليه ثم جعل في أعمالهم التي هي بمنزلة الثمر من الشجر نصيبا لله وهو الإخلاص في العمل وهو من العمل وحق لصاحب العمل وهو ما يحصل له من الثواب عليه وهو بمنزلة الزكاة التي يطلبها الثواب فهذا اعتبار زكاة الثمر المحبس الأصل باختلافهم والله الهادي (وصل) ومن هذا الباب على من تجب زكاة ما تخرجه الأرض المستأجرة فقال قوم من العلماء إن الزكاة على صاحب الزرع وقال قوم إن الزكاة إنما تجب على رب الأرض وليس على المستأجر شئ وبالقول الأول أقول إن الزكاة على صاحب الزرع (وصل) الاعتبار في ذلك الإمام والمؤذن والمجاهد والعامل على الصدقة وكل من يأخذ على عمله أجرا ممن يستأجره على ذلك والأرض المستأجرة هي نفس المكلف وما تخرجه هو ما يظهر عن هذه النفس من العمل والزارع الحق تعالى يقول تعالى أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ورب الأرض هو الشارع وهو الحق سبحانه من كونه شارعا كما هو في الزرع من كونه موفقا قال تعالى مخبرا عن بعض أنبيائه وما توفيقي إلا بالله فهو سبحانه يبذر حب الهدى والتوفيق في أرض النفوس فتخرج أرض النفوس بحسب ما زرع فيها وفيما يظهر من هذه الأرض ما يكون حق لله فيه ومنها ما يكون فيه حق للإنسان فما هو لله فهو المعبر عنه بالزكاة وما بقي فهو للإنسان والإجارة مشروعة فإن الله اشترى منا نفوسنا ثم أجرنا إياها بالعشر فقال من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فالحسنة منا هي العشر الذي نعطيه سبحانه مما زرعه في أراضي نفوسنا من الخير الذي أنبت هذا العمل الصالح فهو سبحانه رب الأرض وهو الزارع وهو المؤجر وهو المستأجر وهو
(٥٥٥)