قال أبو العباس السياري رحمه الله ما التذ عاقل بمشاهدة قط لأن مشاهدة الحق فناء ليس فيها لذة وأما من كرهها للشاب فاعتباره المبتدى في الطريق أجازها للشيخ واعتباره المنتهى فإن المنتهي لا يطلب الرجوع من المشاهدة إلى الكلام فيترك المشاهدة ويقبل على الفهوانية إذ لا تصح الفهوانية إلا مع الحجاب كما قال وما كان لبشر إن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب والمنتهي يعرف ذلك فلا يفعله وأما المبتدي وهو الشباب فما عنده خبرة بالمقامات فإنه في مقام السلوك فلا يعرف منها إلا ما ذاقه والنهاية إنما تكون في المشاهدة وهو يسمع بها من الأكابر فيتخيل أنه لا يفقد المشاهدة مع الكلام والمبتدى في مشاهدة مثالية فيقال له ليس الأمر كما تزعم أن كلمك لم يشهدك وإن أشهدك لم يكلمك ولهذا لم يجوزها للشاب وأجازها للشيخ لأن الشيخ لا يطلب الفهوانية إلا إذا كان وارثا للرسول في التبليغ عن الله فيجوز له الإقبال على الفهوانية لفهم الخطاب (وصل في فصل الحجامة للصائم) فمن قائل إنها تفطر والإمساك عنها واجب ومن قائل إنها لا تفطر ولكنها تكره للصائم ومن قائل إنها غير مكروهة للصائم ولا تفطر (وصل في اعتبار هذا الفصل) الاسم المحيي يرد على الاسم رمضان في حال حكمه في الصائم في شهر رمضان أو على الاسم الممسك الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا أو يمسك السماء أن تقع على الأرض إذ كانت الحياة الطبيعية في الأجسام بخار الدم الذي يتولد من طبخ الكبد الذي هو بيت الدم للجسد ثم يسرى في العروق سريان الماء في الطوارق لسقي البستان لحياة الشجر فإذا طمى يخاف أن ينعكس فعله في البدن فيخرج بالفصاد أو بالحجامة ليبقى منه قدر ما يكون به الحياة فلهذا جعلنا الحكم للاسم المحيي أو الممسك فإن بالحياة تبقي سماوات الأرواح وأرض الأجسام وبه يكون حكم المحيي أقوى مما هو بنفسهما اسمان إلهيان إخوان فإذا وردا على اسم الله رمضان في حكم الصائم أو على الاسم الإلهي الذي به أضاف الحق الصوم لنفسه في غير رمضان ووجدا في المنزل الأقرب لهذا المحل الاسم الإلهي الضار والمميت استعانا بالاسم الإلهي النافع فصاروا ثلاثة أسماء إلهية يطلبون دوام هذه العين القائمة فحركوه لطلب الحجامة فلم يفطر الصائم ولم يكره فإن بوجودها ثبت حكم الاسم الإلهي رمضان لها ومن قال تكره ولا تفطر فوجه الكراهة في الاعتبار أن الصائم موصوف بترك الغذاء لأنه حرم عليه الأكل والشرب والغذاء سبب الحياة للصائم وقد أمر بتركه في حال صومه وإزالة الدم إنما هو في هذه الحال بالحجامة من أجل خوف الهلاك فقام مقام الغداء لطلب الحياة وهو ممنوع من الغذاء فكره له ذلك وبهذا الاعتبار وبالذي قبله يكون الحكم فيمن قال إنها تفطر والإمساك عنها واجب (وصل في فصل القئ والاستقاء) فمن قائل فيمن ذرعه القئ إنه لا يفطر الصائم وهم الأكثرون ومن قائل إنه يفطر وهو ربيعة ومن تابعه وكذلك الاستقاء الجماعة على أنه مفطر إلا طاوس فإنه قال ليس بمفطر (وصل في اعتبار هذا الفصل) المعدة خزانة الأغذية التي عنها تكون الحياة الطبيعية وإبقاء الملك على النفس الناطقة الذي به يسمى ملكا وبوجوده تحصل فوائد العلوم الوهبية والكسبية والنفس الناطقة تراعي الطبيعة والطبيعة وإن كانت خادمة البدن فإنها تعرف قدر ما تراعيها النفس الناطقة التي هي في الملك فإذا أبصرت الطبيعة إن في خزانة المعدة ما يؤدي إلى فساد هذا الجسم قالت للقوة الدافعة أخرجي الزائد المتلف بقاؤه في هذه الخزانة فأخذته الدافعة من الماسكة وفتحت له الباب وأخرجته وهذا هو الذي ذرعه القئ فمن راعى كونه كان غذاء فخرج على الطريق الذي منه دخل عن قصد ويسمى لأجل مروره على ذلك الطريق إذا دخل مفطرا أفطر عنده بالخروج أيضا ومن فرق بين حكم الدخول وحكم الخروج ولم يراع الطريق وهما ضدان قال لا يفطر وهذا هو الذي ذرعه القئ فإن كان للصائم في إخراجه تعمل وهو الاستقاء فإن راعى وجود المنفعة ودفع الضرر لبقاء هذه البنية فقام عنده مقام الغذاء والصائم ممنوع من استعمال الغذاء في حال صومه وكان إخراجه ليكون عنه في الجسم ما يكون للغذاء قال إنه مفطر ومن فرق بين حكم الدخول وحكم الخروج قال ليس بمفطر وهذا كله في الاعتبار الإلهي أحكام الأسماء الإلهية التي يطلبها استعداد هذا البدن لتأثيرها في كل وقت فإن الجسم لا يخلو من حكم اسم إلهي فيه فإن استعد المحل لطلب اسم إلهي
(٦١٠)