(الحديث السادس والسابع في طيبها ونفيها الخبث) ذكر مسلم من حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنها طيبة يعني المدينة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة وقال صلى الله عليه وسلم إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها خرجه مسلم من حديث جابر (الحديث الثامن في عصمة المدينة من الدجال والطاعون) ذكر مسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الدجال ولا الطاعون (الحديث التاسع في ذلك) خرج البخاري عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال لها يومئذ سبعة أبواب لكل باب ملكان وأما حديث فضل الصلاة في مسجد المدينة والمسجد الحرام والمسجد الأقصى فمشهور (الحديث العاشر في تحريم وادي وج من الطائف) ذكر تحريمه أبو داود عن عروة بن الزبير قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثنية حتى إذا كنا عند السدرة وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في طرف القرن الأسود حذوها فاستقبل وجاء ببصره وقال مرة واديه ووقف حتى أنفد الناس كلهم ثم قال إن صيد وج وعضاهه حرام محرم لله وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره ثقيفا (وصل) وأما حكمة حرم المدينة فلأن الله قرن الشهادة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته بشهادة التوحيد تشريفا له وأنه لا يكون الايمان إلا بهما والله قد حرم مكة فجعل لرسوله صلى الله عليه وسلم تحريم المدينة تأييد الشرف الشهادة فجعل له أن يحرم كما حرم الله ثم إن الله وتر يحب الوتر وقد شفع حرمة الحرم بحرمة المدينة فجعل حرما ثالثا للوترية وجعل تحريمه لله لا للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه الوتر ولهذا ما حرم إلا ما هو مجاور مكة يؤذن أن الحرمة لله فيه كالحرمة لمكة ولهذا قال حرام محرم الله فبهذا قد ذكرنا من الأحاديث الواردة في الحرمين والحرم الثالث الذي أوترهما فأما زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فلكونه لا يكمل الايمان إلا بالإيمان به فلا بد من قصده للمؤمن من يطع الرسول فقد أطاع الله فلما جاءت الشفعية بالطاعة والله وتر يحب الوتر ثلث الطاعة للوتر المطلوب في الأشياء كما فعل في الحرم فقال أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فأوتر ومن شرط المبايعة لأولي الأمر السمع والطاعة في المنشط والمكره فإن قيل فالأشهر الحرم أربعة قلنا صدقت ولما علمها الله أربعة لم يجعلها سردا من أجل حب الوترية فجعل ثلاثة منها سردا وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم فثبت الوترية وجعل الرابع رجب وسماه رجب الفرد إثباتا للوترية وذلك لأن الله وتر يحب الوتر في الأشياء ليرى صورة وتريته فيها فلا يرى إلا رتبته ولا يحب إلا صفته ولهذا خرج العالم على صورة الأسماء الإلهية ليكون مجلاه فلا يرى في الوجود إلا هو سبحانه لا إله إلا هو (وصل) رأينا أن نقيد في خاتمة هذا الباب ما رويناه من الافتخار بين الحرمين وهو ما حدثنا به محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني نزيل مكة قال حدثنا حسن بن علي قال حدثنا الحسين بن خلف بن هبة بن قاسم الشامي قال حدثنا أبي قال حدثنا الحسين بن أحمد ابن فراس قال حدثنا أبي عن أبيه إبراهيم بن فراس عن أبي محمد إسحاق بن نافع الخزاعي عن إبراهيم بن عبد الرحمن المكي عن محمد بن عباس المكي قال أخبرنا بعض مشايخ المكيين أن داود بن عيسى بن موسى هو موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ولي مكة والمدينة أقام بمكة وولى ابنه سليمان المدينة فأقام بمكة عشرين شهرا فكتب إليه أهل المدينة وقال الزبير بن أبي بكر كتب إليه يحيى بن مسكين بن أيوب بن مخراق يسأله التحول إليهم ويعلمونه أن مقامه بالمدينة أفضل من مقامه بمكة وأهدوا إليه في ذلك شعرا قاله شاعرهم يقول فيه أ داود قد فزت بالمكرمات * وبالعدل في بلد المصطفى وصرت ثمالا لأهل الحجاز * وسرت بسيرة أهل التقى
(٧٥٩)