الكثرة بالأمثال وغيرها والأحدية وإن كانت لله تعالى فالمقطوع به أحدية الألوهية أي لا إله إلا الله وأحدية الكثرة من حيث أسماؤه الحسنى وأما الحق فلا يقال فيه من حيث ما هو عليه في نفسه كل ولا بعض ويقال في الواحد منا رأيت زيدا نفسه عينه كله لاحتمال أنك قد ترى وجهه دون سائر جسده فأعطى التأكيد بالكل رؤية جميعه فلو لا وجود الكثرة فيه ما قلت كله يقول فإذا سمع القرآن الذي هو جامع صفات الله من التنزيه والتقديس كيف لا يتذكر السامع جمعيته فيسجد لمن له جميع صفات التنزيه فمن سجد في هذه السورة ولم يقف على علم الموالد وما تجنه الحاملات في بطونها من أنواع الحوامل من العالم كالأرض والسحاب والنساء وجميع الأناثي وما تحمله الكتب في حروفها من المعاني فإنها من جملة الحاملات ولم يقف فيها على رجوعه من أين جاء ويرى صورة حاله عيانا حالا وعاقبة بحيث أن يحلف على ما رآه لقطعه به فما سجد (وصل السجدة الخامس عشرة) وهي سجدة العقل الأول سجود تعليم عن شهود ورجوع إلى الله وهذه سجدة سورة العلق عند قوله واسجد واقترب فهي سجدة طلب القرب من الله تعالى وجاءت بعد كلمة ردع وزجر وهو قوله كلا لما جاء به من لا يؤمن بالله واليوم الآخر يقول له ربه اسجد واقترب لما تعتصم مما دعاك إليه فتأمن غائلة ذلك انتهى الجزء السابع والأربعون (بسم الله الرحمن الرحيم) (وصل في فصل وقت سجود التلاوة) منع قوم السجود في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها وأجاز قوم السجود بعد صلاة العصر وبعد صلاة الصبح ما لم تدن الشمس إلى الغروب أو الطلوع والذي أقول به بالسجود في كل وقت لأن متعلق النهي الصلاة وليس السجود من الصلاة شرعا إلا في الصلاة كما إن له أن يقرأ الفاتحة في كل وقت وإن كانت قراءتها في الصلاة من الصلاة اعتبار هذا الفصل السجود قربة تعريف وتنزيه بما يستحقه الإله من العلو والرفعة عن صفات المحدثات ومثل هذا لا يتقيد بوقت دون وقت بل نسبة تعظيمه وإجلاله إلى الأوقات على السواء كما أن للعبد أن يناجي ربه بتلاوته كتابه العزيز في كل وقت وهو محمود في ذلك مأجور عند الله عز وجل (وصل في فصل من يتوجه عليه حكم السجود) أجمعوا على أنه يتوجه على القارئ في صلاة كان أو غير صلاة السجود واختلفوا في السامع فمن قائل عليه السجود ومن قائل عليه السجود بشرطين أحدهما أن يسجد القارئ والآخر أن يكون قعد ليسمع القرآن وأن يكون القارئ ممن يصلح أن يكون إماما للسامع وقيل عن بعضهم يسجد السامع لسجود القارئ وإن كان القارئ لا يصلح للإمامة إذا جلس إليه ليسمع والذي أذهب إليه أنه لا سجود عليهما وإن كرهنا لهما ذلك الاعتبار يجب السجود على القلب وإذا سجد لا يرفع أبدا بخلاف سجود الوجه اتفق لسهل بن عبد الله في أول دخوله إلى هذا الطريق أنه رأى قلبه قد سجد وانتظر أن يرفع فلم يرفع فبقي حائرا فما زال يسأل شيوخ الطريق عن واقعته فما وجد أحدا يعرف واقعته فإنهم أهل صدق لا ينطقون إلا عن ذوق محقق فقيل له إن في عبادان شيخا معتبرا لو رحلت إليه ربما وجدت عنده علم ما تسأل عنه فرحل إلى عبادان من أجل واقعته فلما دخل عليه سلم وقال يا أيها الشيخ أيسجد القلب فقال له الشيخ إلى الأبد فوجد شفاه فلزم خدمته ومدار هذه الطريقة على هذه السجدة القلبية إذا حصلت للإنسان حالة مشاهدة عين فقل كمل وكملت معرفته وعصمته فلم يكن للشيطان عليه من سبيل وتسمى هذه العصمة في حق الولي حفظا كما تسمى في حق النبي والرسول عصمة ليقع الفرق بين الولي والنبي أدبا منهم مع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ليختصوا باسم العصمة ومع هذا فإني أبين الفرق بينهما وذلك أن الأنبياء لهم العصمة من الشيطان ظاهرا وباطنا وهم محفوظون من الله في جميع حركاتهم وذلك لأنهم قد نصبهم الله للناس ولهم المناجاة الإلهية فالأنبياء المرسلون معصومون من المباح أن يفعلوا من أجل نفوسهم لأنهم يشرعون بأفعالهم وأقوالهم فإذا فعلوا مباحا يأتونه للتشريع
(٥١٥)