يكون إما في عين الجمع أو في عين الفرق لا غير ولا سبيل أن يعري عن هاتين الحقيقتين موجود ولا يجمعها أبدا فالحق والإنسان في عين الجمع والعالم في عين التفرقة لا يجتمع كما لا يفترق الحق أبدا كما لا يفترق الإنسان فالله سبحانه لم يزل في أزله بذاته وصفاته وأسمائه لم يتجدد عليه حال ولا ثبت له وصف من خلق العالم لم يكن قبل ذلك عليه بل هو الآن على ما كان عليه قبل وجود الكون كما وصفه صلى الله عليه وسلم حين قال كان الله ولا شئ معه وزيد في قوله وهو الآن على ما عليه كان فاندرج في الحديث ما لم يقله صلى الله عليه وسلم ومقصودهم أي الصفة التي وجبت له قبل وجود العالم هو عليها والعالم موجود وهكذا هي الحقائق عند من أراد أن يقف عليها فالتذكير في الأصل وهو آدم قوله ذلك والتأنيث في الفرع وهو حواء قوله تلك وقد أشبعنا القول في هذا الفصل في كتاب الجمع والتفصيل الذي صنفناه في معرفة أسرار التنزيل فآدم لجميع الصفات وحواء لتفريق الذوات إذ هي محل الفعل والبذر وكذلك الآيات محل الأحكام والقضايا وقد جمع الله تعالى معنى ذلك وتلك في قوله تعالى وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب فحروف ألم رقما ثلاثة وهو جماع عالمها فإن فيها الهمزة وهي من العالم الأعلى واللام وهي من العالم الوسط والميم وهي من العالم الأسفل فقد جمع ألم البرزخ والدارين والرابط والحقيقتين وهي على النصف من حروف لفظه من غير تكرار وعلى الثلاث بغير تكرار وكل واحد منهما ثلث كل ثلاث وهذه كلها أسرار تتبعناها في كتاب المبادي والغايات وفي كتاب الجمع والتفصيل فليكف هذا القدر من الكلام على ألم البقرة في هذا الباب بعد ما رغبنا في ترك تقييد ما تجلى لنا في الكتاب والكاتب فلقد تجلت لنا فيه أمور جسام مهولة رمينا الكراسة من أيدينا عند تجليها وفررنا إلى العالم حتى خف عنا ذلك وحينئذ رجعنا إلى التقييد في اليوم الثاني من ذلك التجلي وقبلت الرغبة فيه وأمسك علينا ورجعنا إلى الكلام على الحروف حرفا حرفا كما شرطناه أولا في هذا الباب رغبة في الإيجاز والاختصار والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الجزء الخامس والحمد لله رب العالمين (بسم الله الرحمن الرحيم) (فمن ذلك حرف الألف) ألف الذات تنزهت فهل * لك في الأكوان عين ومحل قال لا غير التفاتي فإنا * حرف تأبيد تضمنت الأزل فإنا العبد الضعيف المجتبى * وأنا من عز سلطاني وجل الألف ليس من الحروف عند من شم رائحة من الحقائق ولكن قد سمته العامة حرفا فإذا قال المحقق إنه حرف فإنما يقول ذلك على سبيل التجوز في العبارة ومقام الألف مقام الجمع له من الأسماء اسم الله وله من الصفات القيومية وله من أسماء الأفعال المبدئ والباعث والواسع والحافظ والخالق والبارئ والمصور والوهاب والرزاق والفتاح والباسط والمعز والمعيد والرافع والمحيي والوالي والجامع والمغني والنافع وله من أسماء الذات الله والرب والظاهر والواحد والأول والآخر والصمد والغني والرقيب والمتين والحق وله من الحروف اللفظية الهمزة واللام والفاء وله من البسائط الزاي والميم والهاء والفاء واللام والهمزة وله من المراتب كلها وظهوره في المرتبة السادسة وظاهر سلطانه في النبات وإخوته في هذه المرتبة الهاء واللام وله مجموع عالم الحروف ومراتبها ليس فيها ولا خارجا عنها نقطة الدائرة ومحيطها ومركب العوالم وبسيطها (ومن ذلك حرف الهمزة) همزة تقطع وقتا وتصل * كل ما جاورها من منفصل فهي الدهر عظيم قدرها * جل أن يحضره ضرب المثل الهمزة من الحروف التي من عالم الشهادة والملكوت لها من المخارج أقصى الحلق ليس لها مرتبة في العدد لها من
(٦٥)