المقطوع لأنه أعظم في الستر ومن راعى ظهور ما أظهره الحق لكون الحق أعرف بنفسه من عبده به ونزه نفسه في مقام آخر لم يرد أن يتحكم على الحق بعقله وقال الرجوع إليه أولى من الغيرة عليه فإن الحقيقة تعطي أن يغار له لا عليه شرعا وما شرع لباس الخفين إلا لمن لا يجد النعلين والنعل واق غير ساتر فقال بقطع الخفين وهو أولى (وصل في فصل من لبسهما مقطوعتين مع وجود النعلين) فمن قائل عليه الفدية ومن قائل لا فدية عليه لما اجتمع الخف مع النعل في الوقاية من أذى العالم الأسفل وزاد الخف الوقاية من أذى العالم الأعلى من حيث ما هما عالم لمشترك الدلالة والدلالة تقبل الشبه وهو الأذى الذي يتعلق بها ولهذا معرفة الله بطريق الخبر أعلى من المعرفة بالله من طريق النظر فإن طريق الخبر في معرفة الله إنما جاء بما ليست عليه ذاته تعالى في علم الناظر فالمعرفة بالأدلة العقلية سلبية وبالأدلة الخبرية ثبوتية وسلبية في ثبوتية وسلبية في ثبوت فلما كان أكشف لم يرجح جانب الستر فجعل النعل في الإحرام هو الأصل فإنه ما جاء اتخاذ النعل إلا للزينة والوقاية من الأذى الأرضي فإذا عدم عدل إلى الخف فإذا زال اسم الخف بالقطع ولم يلحق بدرجة النعل لستره ظاهر الرجل فهو لا خف ولا نعل فهو مسكوت عنه كمن يمشي حافيا فإنه لا خلاف في صحة إحرامه وهو مسكوت عنه وكل ما سكت عنه الشرع فهو عافية وقد جاء الأمر بالقطع فالتحق بالمنطوق عليه بكذا وهو حكم زائد صحيح يعطي ما لا يعطي الإطلاق فتعين الأخذ به فإنه ما قطعهما إلا ليلحقهما بدرجة النعل غير أن فيه سترا على الرجل ففارق النعل ولم يستر الساق ففارق الخف فهو لا خف ولا نعل وهو قريب من الخف وقريب من النعل وجعلناه وقاية في الأعلى لوجود المسح على أعلى الخف فلو لا اعتبار أذى في ذلك بوجه ما ما مسح أعلى الخف في الوضوء لأن إحداث الطهارة مؤذن بعلة وجودية يريد إزالتها بإحداث تلك الطهارة والطهارة التي هي غير حادثة ما لها هذا الحكم فإنه طاهر الأصل لا عن تطهير فالإنسان في هذه المسألة إذا كان عارفا بحسب ما يقام فيه وما يكون مشهده فإن أعطاه شهوده أن يلبس مع وجود النعلين حذرا من أثر العلو في ظاهر قدمه عصم بلباسه قدمه من ذلك الأثر وإن كان عنده قوة إلهية يدفع بها ذلك الأثر قبل أن ينزل به لبس النعلين ولم يجز له لباس المقطوعين إذ كان الأصل في استعمال ذلك عدم النعلين فرجح الكشف والإعلان على الستر والأسرار في معرفة الله في الملأ الأعلى وهو علم التنزيه المشروع والمعقول فإن التنزيه له درجات في العقل ما دونه تنزيه بتشبيه وأعلاه عند العقل تنزيه بغير تشبيه ولا سبيل لمخلوق إليه إلا برد العلم فيه إلى الله تعالى والتنزيه بغير التشبيه وردت به الشريعة أيضا وما وجد في العقل فغاية النظر العقلي في تنزيه الحق مثلا عن الاستواء أنه انتقل عن شرح الاستواء الجسماني عن العرش المكاني بالتنزيه عنه إلى التشبيه بالاستواء السلطاني الحادث وهو الاستيلاء على المكان الإحاطي الأعظم أو على الملك فما زال في تنزيهه من التشبيه فانتقل من التشبيه بمحدث ما إلى التشبيه بمحدث آخر فوقه في الرتبة فما بلغ العقل في التنزيه مبلغ الشرع فيه في قوله ليس كمثله شئ ألا تراهم استشهدوا في التنزيه العقلي في الاستواء بقول الشاعر قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق وأين استواء بشر على العراق من استواء الحق على العرش لقد خسر المبطلون أين هذا الروح من قوله ليس كمثله شئ فاستواء بشر من جملة الأشياء لقد صدق أبو سعيد الخراز وأمثاله حيث قالوا لا يعرف الله إلا الله لا يعرف الشوق إلا من يكابده * ولا الصبابة إلا من يعانيها (وصل في فصل اختلاف الناس في لباس المحرم المعصفر بعد اتفاقهم على أنه لا يلبس المصبوغ بالورس ولا الزعفران) فقال بعضهم لا بأس بلباس المعصفر فإنه ليس بطيب وقال قوم هو طيب ففيه الفدية إن لبسه الطيب للمحرم عندنا وأعني التطيب لا وجود الطيب عنده الذي يطيب به قبل عقد الإحرام واستصحبه غير جائز إلا إذا أراد الإحلال وقبل أن يحل فمن السنة أن يتطيب ولا أقول في الأول والثاني إن تطيبه عليه السلام كان لحرمه ولحله فإنه لم يرد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما ورد من قول عائشة فتطرق إليه الاحتمال بين أن يكون عن أمر فهمته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فيما اقتضاه نظرها وفهمها أو عن نص صريح منه لها في ذلك ورأيناه قد نهى عن الطيب زمان مدة
(٦٨١)