الشفعيتين فيها فألحقت بالصبح لحكم الأحدية في جناب الحمق وجناب العبد وهو قول من قال وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد فما قال اثنان ولا قال شيئان فاعتبر أحدية كل شئ من كونه شيئا ومن كونه آية على أحدية الحق حتى لا يعرف الواحد إلا بالواحد ولهذا كان يقول الحسن بن هاني شاعر وقته وددت أن هذا البيت الواحد لي بجميع شعري ثم عمل في معناه وما جاء مثله ولا أعطى من حسن مساق المعنى ما أعطاه هذا البيت وخرج عن علمي في هذا الوقت ما عمله الحسن ولو كان في حفظي في هذا الوقت لسقته في هذا الموضع حتى يعرف فضل هذا البيت وأنه في الكلام المعجز وما أظن وقع لقائله وهو أبو العتاهية إلا بحكم الاتفاق (وصل في فصل الموضع الخامس من الخمسة المواضع) وهو اختلافهم في الزمان الذي يجوز للمسافر إذا أقام فيه في بلد أن يقصر حكى أبو عمر بن عبد البر في هذه المسألة أحد عشر قولا ما حضرتني في هذا الوقت فلينظرها في كتبه من أراد أن يقف عليها فلنذكر منها ما تيسر على ذكري فمن قائل إذا أزمع المسافر على إقامة أربعة أيام أتم وقال غيره خمسة عشر يوما وقال غيره عشرين يوما وقال غيره إذا أزمع على أكثر من أربعة أيام والأولى عندي في هذه المسألة أن ينظر في مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة إلى أن رجع إلى المدينة فإنه كان يقصر في تلك المدة (وصل في الاعتبار في ذلك) إذا قام السالك في المقام بنية الإقامة فيه أتم من نفسين إلى عشرين نفسا فإن يوم العارف نفسه المكمل الإلهي وإن كان في كل نفس يطلب الترقي فيمسكه الله فيه فلا يعطيه حكمه ما مشى به في أنفاسه ولم يشعر بها إلا أن نيته الرحلة في كل نفس فهو يقصر دائما عمره كله فهو بمنزلة من يتعرض للفتح فلا يفتح له ويجمع له إلى أن يموت فيرى عند موته ما أخفي له فيه من قرة أعين فيعلم عند ذلك أنه كان مسافرا ولم يشعر لكونه ما فتح له في حياته الأولى ولا شاهد ما شاهد غيره من السائرين إلى الله (وصل في فصول الجمع بين الصلاتين) اتفق العلماء كلهم على الجمع بين الظهر والعصر في أول الظهر يوم عرفة بعرفة وعلى الجمع بين المغرب والعشاء بتأخير المغرب إلى وقت العشاء بالمزدلفة واختلفوا فيما عدا هذين المكانين فذهب أكثر الناس إلى الجمع بينهما في المواضع التي يجوز الجمع والأحوال ومنع بعضهم ذلك بإطلاق فيما عدا موضع الاتفاق وأما الذي أذهب إليه فإن الأوقات قد ثبتت بلا خلاف فلا نخرج صلاة عن وقتها إلا بنص غير محتمل إذ لا ينبغي أن يخرج عن أصل ثابت بأمر محتمل هذا لا يقول به من شم رائحة من العلم وكل حديث ورد في ذلك فمحتمل وتكلم فيه مع احتماله أو صحيح لكنه ليس بنص وأما إن أخر صلاة الظهر إلى الوقت المشترك فجمع على هذا الحد وكذلك في المغرب مع العشاء فقد صلى كل صلاة في وقتها وهو الصحيح الذي يعول عليه فإن الحديث الثابت الذي هو نص هو حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفره إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يصليها مع العصر فهو محتمل كما ذكرناه وإذا ارتحل بعد أن تزيغ الشمس صلى الظهر وحده ثم ركب ولم يكن يقدم العصر إليها لأنه ليس وقتها باتفاق فيقوي بهذا احتمال التأخير أنه صلى الظهر في آخر وقتها وأوقع بعضها في الوقت المشترك وهو الذي يصلح لإيقاع الصلاتين معا إلا أنه لا يتسع فيصلي من الظهر ثلاث ركعات فيه أو ما نقص عن ذلك ويصلي من العصر فيه بقدر ما أبقى من الوقت المشترك وهذا هو الأولى والأحوط (وصل الاعتبار في ذلك) الجمع في المعرفة بلا خلاف في توحيد الله في ألوهته وهو أن لا إله إلا هو ولا يعرف هذا إلا بعد معرفة المألوه فهو الجمع بين المعرفتين بالاتفاق وهذا هو جمع عرفة وأما جمع المزدلفة فهو موضع القربة وهو موضع جمع فحكم اسم الموضع على من حل فيه بالجمع ألا ترى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه فجعل الحكم والإمامة لصاحب المنزل وهذا المنزل يسمى جمعا فالإمامة له والحكم فجمع فيه بين الصلاتين لما تعطيه حقيقته بالاتفاق أيضا وجمع النبي صلى الله عليه وسلم في هاتين بين التقدم والتأخر ولا واسطة بينهما في هذا الموضع حتى تكمل مراتب الأشياء لأجل أهل القياس فإن الله قد علم من عباده أنهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخذون القياس أصلا فيما لا يجدون فيه نصا من كتاب ولا سنة ولا إجماع فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
(٤٧١)