(وصل في فصل غسل من مات من ذوي المحارم) اختلف قول بعض الأئمة في ذوي المحارم فقول إن الرجل يغسل المرأة والمرأة تغسل الرجل وقول لا يغسل أحد منهما صاحبه وقول تغسل المرأة الرجل ولا يغسل الرجل المرأة وقد تقدم في الفصل قبل هذا مذهبنا في هذا (وصل في الاعتبار) ذو والمحارم أهل الشرع كلهم فالرجل منهم الكامل هو الذي أحكم العلم والعمل فجمع بين الظاهر والباطن والناقص منهم هم الفقهاء الذين يعلمون ولا يعلمون ويقولون بالظاهر ولا يعرفون الباطن كما قال تعالى يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون فإذا وقع ذو محرم في شبهة أو شهوة من الكمال أو النقص فإن كانت في العقائد فيغسل كل واحد منهما صاحبه أي يعرفه بوجه الصحة في ذلك سواء كان العالم بها ناقصا أو كاملا وإن كانت في الأحكام لا يغسل كل واحد منهما صاحبه فإنه حكم مقرر في الشرع وسواء كان كاملا أو ناقصا ومن رأى أن المرأة تغسل الرجل وهو غسل الناقص الكامل فللناقص أن يطهر الكامل إذا تحقق أن الكامل وقع في شبهة ولا بد مثل الفقيه يرى العارف قد زل بارتكاب محرم شرعا بلا خلاف فله أن ينكر عليه والعارف أعلم بما فعل فإن كان كما علمه الفقيه تعين عليه قبول ذلك التطهير بتوبة منه ورجوع عنه وإن كان في باطن الأمر على صحة وأن الفقيه أفتى بالصورة ولم يعلم باطن الأمر فقد وفي الفقيه ما يجب عليه فيغسل الناقص الكامل لا يغسل الكامل الناقص في مثل هذه المسألة وهو أن يكاشف الكامل ببراءة شخص مما ينسب إليه مما يوجب الحد وقد حكم الحاكم الناقص بإقامة الحد عليه فليس للكامل أن يرد حكم الفقيه في تلك المسألة لعلمه ببراءة المحدود فليس للكامل في مثل هذا أن يرد على الناقص كذلك ليس للرجل أن يغسل المرأة إذا ماتت لأنها عورة قال صلى الله عليه وسلم في المرأة التي لا عنت زوجها وكذبت وعرف ذلك وقد حكم الله بالملاعنة وفي نفس الأمر صدق الرجل وكذبت المرأة فقال صلى الله عليه وسلم لكان لي ولها شأن فترك كشفه وعلمه لظاهر الحكم (وصل في فصل غسل المرأة زوجها وغسله إياها) أجمعوا على غسل المرأة زوجها واختلفوا في غسله إياها فقال قوم يغسلها ومنع قوم من ذلك (الاعتبار في هذا الفصل) مريد الشيخ إذا رأى الشيخ قد فعل ما لا يقتضيه الطريق عند الشيخ فللمريد أن ينبه الشيخ على ذلك لموضع احتمال أن يكون غافلا وليس له أن يسكت عنه وليس للشيخ إذا رأى المريد قد وقعت منه طاعة بالنظر إلى مذهبه وهي معصية بالنظر إلى مذهب الشيخ وحكم الشرع بصحتها بالنظر إلى من وقعت منه فإنها وقعت عن اجتهاد فليس للكامل وهو الشيخ وإن عرف أن ذلك المجتهد أو المقلد له قد أخطأ في اجتهاده أن يرد عليه فلا يغسل الرجل زوجته إذا ماتت ومن ذهب إلى أنه يغسلها قال باعتباره يتعين على الشيخ أن يعرف المريد الذي هو الناقص أن ذلك الأمر قد أخطأ فيه المجتهد هذا حد غسله فإن كان المريد هو المقلد للمجتهد لزمه أن يرجع إلى كلام شيخه وإن كان المريد هو المجتهد فيحرم عليه الرجوع إلى كلام الشيخ في تلك المسألة إلا إن قام له كلام الشيخ مقام المعارض في الدلالة فحينئذ يكون كلام الشيخ أقوى من دليل المجتهد فيلزم المجتهد أن يرجع إلى كلام شيخه وهو من اجتهاده أعني رجوعه لرجحان ذلك الدليل الذي هو تصديقه الشيخ على الدليل الذي كان عنده لاحتمال كذب الراوي أو تخيل الغلط منه في قياسه لما أثر في نفسه من صدق الشيخ في ذلك (وصل في فصل المطلقة في الغسل) أجمعوا على إن المطلقة المبتوتة لا تغسل زوجها واختلفوا في الرجعية فقالوا تغسل وقالوا لا تغسل (الاعتبار) المريد يخرج عن حكم شيخه بالكلية فليس له أن يقدح في شيخه ولو قدح لم يقبل منه فإنه في حال تهمة لارتداده وهو ناقص فكيف يطهر الكامل وهو في حال نقصه فإن كان تخلف المريد عن شيخه حياء منه لزلة وقع فيها أو فترة حصلت له فهو مثل الطلاق الرجعي فإن حكم الحرمة في نفس المريد للشيخ ما زالت وإن تخلف عنه أو هجره الشيخ تأديبا له لقي بعض الشيوخ تلميذا له كان قد زل فاستحيى أن يجتمع بالشيخ فتركه فلما لقيه استحيى وأخذ التلميذ طريقا غير طريق الشيخ
(٥٢٤)